مما لا شك فيه أن ثورة الخامس والعشرين من يناير قد أحدثت تغيراً كبيراً على المجتمع المصرى، البعض يراه تغيراً إيجابياً والبعض الآخر يعتبره تغيراً سلبياً، وفى الحالتين هو تغير لا ندرى حتى وقتنا هذا إن كان سيشتد سوءاً حسب وجهة نظر المتشائمين (وأنا واحد منهم) أم سيزداد ازدهاراً حسب وجهة نظر المتفائلين. الأمر الذى أستطيع أن أجزم أنه واقع غير قابل للجدال أن من يتبنون وجهة النظر المتشائمة أى الرافضين للثورة موقفهم موحد ووجهات نظرهم جميعاً تسير فى نفس الاتجاه، بينما المؤيدون للثورة أصحاب الفكر المتفائل، كل منهم يغنى على ليلاه بمعنى أن فكرة الثورة وأهدافها تختلف عند كل منهم حسب توجهاته، فالإخوان واليساريون مثلاً لا يمكن أن يتفقا على شىء واحد والسلفيون والليبراليون كذلك، إذن الثورة قد جمعت كل تلك التيارات كثورة فقط بعيداً عن الأهداف التى ستحققها، ومن هنا بدأ الاختلاف والنزاع وبالتالى التشتت والانقسام فى الصفوف، وفى رأيى المتواضع أن ثورة كل تيار تختلف عن التيار الآخر والشىء المشترك الوحيد بين كل تلك التيارات هو كلمة الثورة، وكلما تحدث أحدهم عن الثورة يلوح ويشير إلى أنها ثورة شعبية ويبدأ يسرد فى عبارات وجمل سقمناها جميعاً وحفظناها عن ظهر قلب. الثورة المصرية فى حقيقة الحال هى أكثر من ثورة ولذلك لم تستطع أن توحد المصريين بل زادتهم فُرقة وغُربة وعادت بهم إلى نقطة الصفر، وسيذكر التاريخ أيضاً أنها لم تُفرز رمزاً ليلتف حوله جموع الشعب مثل ثورة يوليو مثلاً، وسيذكر التاريخ أنها بسبب كثرة اتجاهاتها قد كلفت مصر فاتورة لن تسطيع تسديدها بسهولة بل إنها قد تحتاج لمعجزة إلهية لتجاوز ما ترتب عليها من نكسات وأزمات. إنها ثورة الإخوان وثورة السلفيين وثورة اليساريين وثورة الجياع وثورة أبوإسماعيل وثورة الشباب وثورة صباحى والبرادعى وموسى وسوسو وحمادة وبطة من جمصة وعزة من البحيرة وعمو من طنطا ومينا من عزبة الصفيح... وإلخ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة