لا يمكن فهم مغزى التعديل الوزارى الأخير، إلا فى سياق استقواء جماعة الإخوان المسلمين وغرورها واعتقادها أن كل ما يصدر عنها سيلقى القبول والترحيب، انطلاقا من شعبيتها الجارفة لدى الناس، وثقتهم بها وبكوادرها الذين يتولون إدارة شؤون البلاد.
لا تبذل الجماعة أى جهد لمحاولة سد الفجوة الكبيرة بينها وبين المعارضة، ربما لأنها تعتقد أن المعارضة أضعف من أن تنافسها، وأن تراجع شعبيتها لا يعنى التفاف الجماهير حول رموز جبهة الإنقاذ مثلا، إلا أنها تخطئ فى تقدير تحولات الجماهير، سواء فى انصرافها عنها، أو التفافها حول خصومها، تماما كما فعل الرئيس المخلوع بعد جريمة انتخابات 2010، عندما قرر تفعيل منهجه الإقصائى الذى عبر عنه فى العبارة المعجزة «خليهم يتسلوا». ورغم الخلاف المهول بين سطوة مبارك وسيطرة الإخوان على مقاليد الحكم ومؤسسات الدولة، إلا أن الجماعة تسير على نفس الطريق الذى رسمه مبارك للانفراد المطلق بالحكم وعدم السماح للمعارضة بمساحة للمشاركة، وهذا هو اللغز الذى يستعصى على الفهم. إذا كان مبارك وأركان نظامه راهنوا على سيطرتهم الكاملة وقبضاتهم الحديدية واستسلام الناس وحالة الانكفاء العامة للحصول على لقمة العيش وعدم وجود تنظيمات معارضة يمكن وصفها بالمؤثرة، فعلام يراهن الإخوان وهم مشتبكون فى خصومة مع مؤسسات الدولة الأساسية ولم تعد لهم نفس الأرضية فى الشارع، وتطاردهم معارضة لاذعة قادرة على تحريك الجماهير، وإعلام يكشف خطاياهم وغالبية من المواطنين فقدوا الثقة فى وعودهم؟
هل تستند الجماعة إلى غطاء خارجى غربى تحديدا، مازال يراهن عليها لاعبا أساسيا فى مشروع الهلال السنى فى مواجهة المد الشيعى؟ ربما، أم تستند إلى معلومات مغلوطة تؤكد أن الأغلبية مازالت تؤيدها وتلتف حول سياسات الرئيس مرسى؟ ممكن، أم تخطط لركوب موجة التطرف المتصاعدة للتغطية على الفشل فى إدارة مختلف الملفات من الأمن إلى الاقتصاد مرورا بالسياسة الخارجية؟ وارد.
فى كل الأحوال نهاية الإخوان فى سدة الحكم قريبة، لكن غير المعلوم كيف سيكون الانقلاب عليها، عبر صناديق الانتخابات أم عبر الانتفاضة الشعبية أم من خلال ثورة جياع، لكن المؤكد أن درس الاستبداد الإخوان المباركى لن يتكرر فى المدى المنظور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة