بعيدا عن المزايدات وطنطنة الكلمات.. تمردوا فى 30 يونيو الجارى.. أو لتصمتوا إلى الأبد.. فلا يعقل أن الناس تسير فى الشوارع زائغة العيون، شاردة الفكر، يتحدثون إلى أنفسهم وكأنه قد أصابهم الجنون.. ثم يلعنون الثورة ومن ثار ومن انتخب الإخوان ودفع بهم إلى سدة الحكم.
ومن الشارع إلى البيوت لا حديث يسيطر على المصريين إلا عن المعاناة من اندثار الأمن والأمان وتغول البلطجية فى الشوارع، وارتفاع الأسعار المخيف لتطال جميع السلع، وانقطاع المياه والكهرباء واختفاء الدواء، وانتشار الأغذية الفاسدة، وتدهور كارثى فى جميع المرافق، ثم الرعب الذى يسيطر على الناس من المستقبل خشية الموت عطشا بعد قرار إثيوبيا بناء سد النهضة، وكأن النهضة أصبح مصطلحا يمثل كابوسا مخيفا للمصريين محليا وخارجيا، يزعجهم فى منامهم، ويصيبهم بالاكتئاب فى يقظتهم.
وهناك قاعدة شهيرة فى علم المنطق تقول.. المقدمات المتطابقة.. تعطى نتائج متطابقة، وإذا كانت هذه هى مقدمات جماعة الإخوان فى عامهم الأول من حكم البلاد، حيث لم يدخروا خطيئة إلا وارتكبوها، فإن النتائج ستكون وبالا سيقضى على الأخضر واليابس مستقبلا، ولن تكن مصر هبة النيل فى عهد الجماعة الظلامية، وإنما سيتغير اسمها إلى مصر هبة الجفاف والعطش والموت الأسود.
تمردوا وإملأوا ميادين المحافظات، ولا تتركوها إلا بعد إعادة بلادكم المختطفة، ضحوا هذا العام ولا تذهبوا للساحل الشمالى وشواطئ الغردقة وشرم الشيخ للتصييف، ثم ترفعوا بأيديكم إلى السماء وأنتم تشاهدون غروب الشمس وهى تحتضن صفحة وجه البحر، طالبين من الله أن يزيح الإخوان من فوق مقاعد الحكم، وهو مطلب اتكالى يعتمد على التغيير بالنوايا، وهى مطالب العجزة العاشقين للفرجة والمشاهدة. ما نيل المطالب بالتمنى والنوايا، ولكن بالتمرد وملء الميادين، والصرخات المنطلقة من الحناجر لتفض بكارة الصمت، وترفع راية الشرف والعزة والكبرياء والحرية وتعيد مصر تحت (باطكم)، دون أن تبالوا بحرارة الشمس الحارقة، فأنتم ميتون إن جاء أجلكم سواء كنتم فى بروج مشيدة، أو تحت نسمات المكيفات الباردة، أو تحت أشعة الشمس الملتهبة، وهل أنتم الآن أحياء؟ فلا يمكن أن يحيا إنسان وهو يتعرض كل طلعة شمس لاغتصاب قطعة من إنسانيته وعزته وكرامته، وكأنه يعيش فى زمن العبودية فى عصر المماليك، وأنه هائم يسير فى الأرض وقد استولوا على وطنه.
والتمرد تعريفه هو رفض طاعة الأوامر، وإحلال سلطة محل سلطة قائمة فيما إذا كانت حكومة أو رئيس دولة بوسائل سلمية، والتمرد ليس بدعة من وحى خيال مجموعة من الشباب، والتاريخ بشكل عام، والإسلامى منه بشكل خاص يسجل المئات من حركات التمرد، منها على سبيل المثال حركة التمرد التى قادها عبدالله بن الزبير بن العوام ضد يزيد بن معاوية وبايعه أهل العراق، ودارت معارك ضارية واستطاع يزيد أن يقمع حركة تمرد الزبير بالقوة.
لذلك فإن التمرد السلمى لتغيير الأنظمة والحكومات معلوم بالضرورة فى التاريخ، ومن حق المعارضين والغاضبين أن يتمردوا سلميا لتغيير النظام أو الحكومة، وهو ليس بدعة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة