الذى لا يعرفه وزير الثقافة العصبى علاء عبدالعزيز أن الثقافة المصرية أكبر منه ومن الذين يعمل لحسابهم، لأنها وطنية فى المقام الأول، وتعرف قدر مصر، وبذلت عمرها فى محاربة الفاشية والتطرف وضيق الأفق والتطبيع مع العدو الصهيونى، وأن هذه الثقافة لم تنتجها وزارة، ولم تأخذ تعليماتها من حاكم، والذى لا يعرفه «أو يعرفه»، أن معظم خصومه كانوا ضد مبارك وفاروقه أيضا، وأن انتفاضتهم ضده سببها الخوف على مصر التى يسعى محتلوها إلى تحويلها من دولة عريقة متحضرة، إلى قبيلة تتاجر فى البضائع المستوردة، ومصائر مواطنيها، الوزير لا يعرف أنه سيخسر، لا بسبب ضعفه وعدم إدراكه قوة المثقفين الوطنيين، ولكن لأن الإبداع المصرى عصى على الترويض، ولأن جماعته لا تملك وجوها مقنعة فى أى مجال من مجالات الفن والإبداع، ويخطئ الوزير الذى يرفع شعار التطهير، إذا تصور أن الهبة العظيمة ضده سببها إقالة فلان أو علان، الخوف على هوية مصر ومؤسساتها الثقافية، الخوف على التسامح والحرية والتنوع هو السبب، يعتقد علاء أنه شخص حاسم، ويعرف أكثر من غيره، وأنه بإمكانه أن يفرض على الناس ثقافة الصحراء التى جاءت به إلى شارع شجرة الدر، قالوا له إن اليساريين يقفون أمام مشروع نهضتهم، وأنهم لا شك «تبعه» فى الثقافة، وأنه يجب أن يظهر لهم العين الحمرا، لكى يتمكنوا من اختطاف مصر، ووضعها خارج التاريخ، الذين أطاح بهم أو ألغى انتدابهم ليسوا يساريين، عبدالناصر حسن رئيس دار الكتب والوثائق القومية السابق لم يكن شيوعيا، ولكنه رفض تسليم وثائق الثمانين عاما الماضية لصبية مكتب الإرشاد، وبناء عليه تم إلغاء انتدابه وتعيين «حد تبعهم»، هم يريدون كتابة تاريخ آخر غير التاريخ، هم يريدون وثائق ترسيم الحدود، لأن رئيسهم يريد أن يعزم على جيرانه فى الشرق والجنوب بقطع من جسد المحروسة الذى رسم الشهداء حدوده، هم يريدون وثائق الأملاك اليهودية، لكى يعمل بها عصام العريان شغل مع الأعداء، هم يريدون تاريخ الجماعة منذ إنشائها لإقناع الأجيال القادمة أن حسن البنا هو الذى حرر مصر من الاستعمار الإنجليزى، وأن محمد البلتاجى، وأحمد منصور، وصفوت حجازى هم الذين أشعلوا ثورة يناير، هم يريدون الحصول على الرسومات الخاصة بالمبانى الأثرية قبل تحويلها إلى مولات لبيع البضائع التركية والماليزية، يريدون وثائق الثمانين عاما الماضية لتغطية عوراتهم، والوزير يروج أنه يعمل من أجل مصر، ويلجأ للجماعة الإسلامية لمساندته فى مواجهة الجماعة الثقافية، أى عبث هذا، وأى خيال مريض يدير اللعبة؟، ما ذكره طارق رمضان فى التحرير قبل يومين عن اجتماع وزير الثقافة مع أربعة من عناصر حماس سرا، وجلوسه معهم أربع ساعات، لوضع خطة لتحسين صورتهم فى الشارع المصرى، يعنى أن الوزير أفندى يلعب أدوارا أخرى غير القضاء على الثقافة الوطنية، هم وعدوه بحمايته من المثقفين وتفريقهم وقت اللزوم، تماما كما فعلوا مع «الكبير قوى»، وزير ثقافة حريص على صورة حماس أكثر من حرصه على صورة مصر، وزير ثقافة ضد الثقافة، وزير ثقافة يعتبر بهاء طاهر، وصنع الله إبراهيم، ومحمد هاشم ومجدى أحمد على وعشرات من رموز الثقافة المصرية النقية بلطجية.. «ممكن يتقال له إيه؟».