حتى لو مر يوم 30 يونيو من دون تحولات كبرى، هناك شرخ يتسع بين الرئيس والجمهور والشعب، هناك غضب واحتقان وغياب للوحدة، لا يكفى أن يتم تحميلها لجهات وأطراف غامضة، أو تتعامل معها الرئاسة باستخفاف وعدم إدراك، هناك سؤال مطروح: ماذا على الرئيس أن يفعله وقد أصبحت كل الطرق مسدودة، وهل يمكن أن تكون هناك حلول أو اقتراحات من شأنها أن تنقذ البلاد من مواجهة تعصف بها؟ هذه حالة لا تنفع معها المناورات التقليدية للرئيس والجماعة، ولا تنفع معها الوعود العائمة والعروض البائسة للنظام.
هذا هو دور السياسة التى تغيب من شهور والفشل الذى أدى للدومينو المغلق، الذى لا تبدو له بداية ولا نهاية، السياسة التى غابت وحل مكانها الجشع والطمع بلا خبرة، ولا اتجاه، سياسة هواة طامعين، يفتقدون لأسس العمل السياسى، تسببوا فى إغلاق الطرق، بسبب فقدانهم للخبرة، وتصوراتهم الساذجة التى وصلت إلى حد أن يرد مؤيدو الرئيس والجماعة على ملايين التوقيعات التى جمعتها حملة «تمرد» بأنها غير موثقة فى الشهر العقارى، أو أنها غير رسمية وتخلو من أختام النسر، ووجدنا بعضا من مؤيدى الرئيس من قيادات الجماعة الإسلامية السابقين مثل عاصم عبدالماجد يصدرون تهديدات ساذجة بالعودة للعنف، ليضاعفوا من مسؤولية النظام والرئيس عن أى عنف محتمل، ويقدمون سابقة لم تحدث من قبل.
لايدرك الإرهابيون السابقون أنه كان عليهم بدلاً من التهديد بقتل مواطنيهم أن يعلنوا توبتهم واعتذارهم عن جرائمهم السابقة ضد الأبرياء، وأن يعيدوا قراءة مشاهد ما بعد يناير التى تغير فيها شكل السلطة ووعى الشارع، وكيف امتلك الشباب شجاعة المواجهة مع نظام مسلح بصدور عارية، ثم إن تهديدات قيادات الإرهاب تؤكد ما يوجه للنظام وجماعة الإخوان من اتهامات برعاية العنف والسلاح، ودعم الانفلات.
ومن حيث يريد أعضاء حملة تجرد بتهديداتهم خدمة النظام والرئيس ومجاملة الجماعة، فإذا بهم يلعبون دور الدبة التى قتلت صاحبها، لأنهم فى الواقع يتحدون المجتمع المصرى الذى يرفض العنف، وهو نفس المجتمع الذى لفظهم ورفض طرحهم السياسى.
والمثير أن أعضاء تنظيم «الدبة المتجردة» يحذرون من تكرار تجربة الجزائر وحمامات الدم، ويتجاهلون أن زملاءهم من الإرهابيين هم من صنعوا حمامات الدم فى الجزائر، وهم من ينشرون الموت ويرفعون الرايات السوداء فى العراق واليمن وقبلها أفغانستان، وأنهم ينشرون الخراب أينما حلوا وأينما ذهبوا، ولم يقدموا تجربة واحدة يمكن أن تمثل طاقة نور، بل كل تجاربهم لا تعرف غير الدم والموت، والمثير أن بعضهم هو من يحذر من العنف، وهم صناعه.
ربما على مؤيدى الرئيس مرسى، إذا أرادوا بالفعل أن يساندوه، ربما عليهم أن يتركوه، وأن يخلوا بينه وبين عقله ليكون رئيساً بالفعل وليس مجرد ترس فى آلة لا تعرف الحق، ولا تفهم ماهية السياسة.
ولو كان الرئيس جاداً فعليه أن يبتعد عن «دببة» تقتل النظام، مثلما فعلت دببة مع مبارك، ومثلما فعل مستشارو السوء وحلفاء الطمع الذين قسموا الشعب الواحد إلى «معنا أو معهم» ويطرحون خطاباً طائفياً وعنصرياً، لم ير منهم المصريون مبادرة حقيقية أو دعوة للتسامح، فقط تهديدات وغرور واستعراض أثبت فشله، وعلى دببة النظام لو كانوا يريدون بقاءه أن ينصرفوا عنه.