دبت الحرارة فى صف جماعة الإخوان وإخوانهم لنصرة ما أسموه بـ«الثورة السورية»، استدعوا الداعية السعودى محمد العريفى ليدعو المصريين إلى الجهاد فى سوريا، قال كلاما يطفح بالطائفية، قاله فى مصر التى يسعى الطائفيون إلى تمزيقها، لماذا لم يلف ويدور هذا الشيخ فى بلده ليدعو قومه إلى الجهاد فى سوريا مثلما فعل فى مصر؟
يتباهى صفوت حجازى بأنه يقدم السلاح منذ عام إلى المعارضة السورية، فى أثناء الدعاية الانتخابية للرئيس مرسى، كان يهلل غناء وهتافا: «على القدس رايحين»، وفى حضور مرشد الجماعة، ومحمد مرسى يردد وراءه الحاضرون: «على القدس رايحين»، لماذا لم يذهب صفوت حجازى إلى القدس؟، لماذا لم يرسل لها السلاح؟، لماذا لم يحتشد الإخوان وإخوانهم لهذا الهدف؟، لماذا لم يبذلوا الجهد من أجل وحدة الصف الفلسطينى؟، لماذا يعجبهم بقاء الحال الفلسطينى على ما هو عليه، غزة تحت سيطرة حركة حماس، والضفة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية؟
إذا كان ظن جماعة الإخوان وإخوانهم أن تحرير القدس يأتى من تحرير سوريا، وسيطرتهم عليها، فهم واهمون. الحرب الأهلية فى سوريا، وتقسيم أراضيها يعنى ضياع وطن آخر، يعنى ضياعا كاملا للقدس، يعنى بقاء المسجد الأقصى تحت سيطرة إسرائيل، يعنى تنفيذا كاملا لكل الأجندة الصهيونية فى المنطقة، يستحق الشعب السورى حكما أفضل من بشار الأسد واستبداده، لكن الشعب السورى وحده هو الذى يقول كلمته فى ذلك، هو الذى يقرر ثورته، هو الذى يقودها، هو الذى يعزل بشار أو يبقيه. الشعوب الحرة لا تحتاج إلى من يخوض ثورتها بالوكالة، لا تحتاج إلى عصابات ليلية تحول نبل الثورة، ومقصدها الديمقراطى الصحيح إلى حمامات دم، واستنزاف مقدرات بلد يتمزق تحت شعارات بالية، مثل عودة دولة الخلافة.
فى نهاية السبعينيات من القرن الماضى، هبت المساجد فى مصر من أجل نصرة أفغانستان من الاحتلال السوفيتى، وجعلها الرئيس الراحل أنور السادات قضيته الرئيسية، كانت الجامعات تنظم المؤتمرات من أجل نصرة أفغانستان، وقاد السادات الدعوة إلى السفر إليها، وفتح التليفزيون إرساله لحديث المعجزات فى الجهاد الأفغانى، واستمعنا إلى خزعبلات من قبيل أن حجرا واحدا فجّر دبابة روسية، لأن من قذفها كان مؤمنا، أما الدبابة فكان يقودها ملحد، ولما انتهت الحرب عاد المتطوعون، ليواصلوا فى مصر ما بدأوه فى أفغانستان، فسقط الآلاف من أبناء الشعب المصرى بنار الإرهاب.
وقتئذ لم يكن هناك ذكر للقضية الفلسطينية، وبدلا من أن تكون القدس هى قبلة الجهاد أصبحت كابول هى المقصد، كانت أمريكا وإسرائيل هما الفائزتين.
اليوم نشهد نفس المأساة، يصطف الإخوان وإخوانهم ليس من أجل إسقاط بشار لتحقيق الديمقراطية فى سوريا، ولكن من أجل تقسيم أرض هذا البلد بين طوائفه.
دب الحماس وعادت الحرارة إلى الإخوان وإخوانهم من أجل سوريا، فى نفس الوقت الذى أعلن فيه الرئيس الأمريكى تسليح المعارضة السورية، وهو ما يعنى أن هؤلاء لا ينصرون سوريا لوجه الله، وإنما لأنهم حصلوا على الإشارة من الصديق الأمريكى، مثلما حدث من قبل فى أفغانستان.
هروب الإخوان وإخوانهم من فشل الداخل فى مصر إلى ما يحدث فى سوريا سيكون عنوانا آخر لفشل جديد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة