لا أحد يعرف على وجه التحديد ماذا سيجرى فى 30 يونيو وما بعده من أيام، وربما أسابيع، لكن من المؤكد، ومهما كانت السيناريوهات والنتائج، فإنها لن تكون فى صالح العباد والبلاد، والانتقال إلى الديمقراطية والتنمية، بل سيخرج الجميع خاسرا سواء التزم المتظاهرون بالسلمية أو تورطوا فى بعض أعمال العنف، وسواء انتهت الأمور باستمرار الرئيس وجماعته، أو بتولى رئيس المحكمة الدستورية مهام الرئيس والإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة.. الكل خاسر، والتكلفة الاقتصادية والاجتماعية هائلة، ومع ذلك ما يزال هناك حل بيد الرئيس وجماعته يجنب البلاد والعباد كل هذه المخاوف والخسائر، حل يقوم على التواضع ونقد الذات والتخلى عن الثقة المطلقة بأن الله معهم والشرعية بيدهم، وأن سلوكهم فى الحكم والسياسة رشيد وصالح.. باختصار الرئيس وجماعته يمكنهم التوقف عن المكابرة والعناد- من سلوكيات الرئيس مبارك- وتقديم تنازلات للشعب والمعارضة، تتلخص فى تغيير حكومة قنديل الإخوانية الفاشلة واستبدالها بحكومة غير حزبية من التكنوقراط للإعداد لانتخابات برلمانية نزيهة، مع تغيير قانون الانتخابات والنائب العام، ووقف مخطط أخونة مؤسسات الدولة.. أعتقد أن هذه المطالب تمثل الحد الأدنى المقبول الذى يمكن لجبهة الإنقاذ أو بعض فصائلها القبول به لإنقاذ الوطن من مخاوف سيناريوهات 30 يونيو وما بعده من أيام، وأعتقد أن جدية والتزام الرئيس بتحقيق هذه المطالب خلال أيام أمر ممكن، ويمهد مباشرة لإجراء حوار وطنى حقيقى وفق أجندة للخروج بالوطن من أزمة الاستقطاب والصراع السياسى والثقافى والذى أضعف من قدرتنا على مواجهة تحديات الأمن فى سيناء والتصدى الفعال لسد النهضة الذى يهدد الأمن المائى لمصر.
أكرر أن الجدية وسرعة الحركة مطلوبة من الرئيس وجماعته لاحتواء مخاطر 30 يونيو، واستعادة الثقة فى التعامل مع المعارضة وشباب الثورة، لكن السؤال: هل يقتنع الرئيس وجماعته بهذه الوصفة؟ وهل لديهم الرغبة والقدرة على تحقيقها؟ أم أن طمع السلطة والرغبة فى الهيمنة وأوهام أسلمة المجتمع والتمكين تحول دون إدراكهم للحقائق على الأرض، أو تدفعهم لتأويلها بطريقة خاطئة تلقى بمسؤولية فشلهم فى إدارة الدولة على الفلول والمشاكل الموروثة من عصر مبارك، بينما الحقيقة مختلفة تماما!! أتمنى أن يدرك الرئيس وجماعته الحقائق على الأرض، ويبدأ من نقطة جديدة فرضتها حقائق وتوازنات كثيرة، منها استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية والفشل فى تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، ورفض مخطط الأخونة، واتساع نطاق الغضب الشعبى الذى عبر عن نفسه فى نجاح حركة تمرد، وزيادة أعداد المظاهرات والإضرابات والاعتصامات وحوادث قطع الطرق.. على الرئيس أن يتعلم قبل فوات الأوان أن السياسية هى فن الممكن، وأن الشرعية ليست مجرد الحصول على أصوات الأغلبية وإنما الشرعية هى الحصول على الرضا العام، والحفاظ على مصالح البلاد والعباد، ولاشك أن ملايين التوقيعات التى جمعتها حركة تمرد تؤكد نهاية رضا الشعب عن الرئيس وحكومته، الأمر الذى يفترض أن يجبره على مراجعة حساباته، أما الاستمرار فى نفس الأوهام والسياسات فإنها ستؤدى إلى كوارث، ليست فقط خسارته للحكم وإنما دخول البلاد والعباد- لاقدر الله- فى أتون اقتتال أهلى قد يمتد لشهور أو سنوات بعد 30 يونيو.. فهل يتحلى الرئيس وجماعته بالحكمة والرشد السياسى والالتزام الأخلاقى ويستبق الأحداث ويبدأ من نقطة جديدة تخفف من الاحتقان والاستقطاب الذى يسبق العاصفة؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة