بإعلان دخول حزب الله إلى سوريا للوقوف صراحة إلى جانب النظام السورى، تغيرت موازين القوى فى الصراع على سوريا، فمن وراء حزب الله إيران التى يبدو أنها تنتظر استكمال حلقة نفوذها من العراق إلى لبنان إلى سوريا، يبدو حزب الله مستعدا ولديه تصور عما يعتبره مشروع حماية الطائفة الشيعية وصعودها، لا يمكننا أن نتصور أن فكرة المقاومة هى التى تحرك حزب الله أو تحرك النظام السورى الذى فقد شرعيته وأصبح تابعا بشكل كامل لإيران التى تمثل طوق النجاة بالنسبة له.
عاد ملك السعودية من المغرب على الفور، وأعلن الشيخ القرضاوى خديعته فى حزب الله وفى إيران، ولم يخجل أن يعترف بخطئه وصحة ما ذهب إليه مشايخ السعودية فى موقفهم المبدئى والعقدى من حزب الله ومن إيران، ثم دشن الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين موقفه عبر بيان ليس بعيدا عما ذهب إليه الشيخ القرضاوى، وبالطبع كانت هناك ردود أفعال وتصريحات من الجانب الإيرانى. وعلى الفور أسرع الرئيس المصرى حاشدا المشايخ خلفه، وحاشدا جمهوره ليعلن هو الآخر أن سوريا لن تبقى وحدها «لبيك يا سوريا» وأعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السورى، لم يشأ الرئيس المصرى أن يبقى متأخرا مترددا أكثر من اللازم فى المسألة السورية خاصة بعد تصريحات الشيخ القرضاوى وبيان اتحاد علماء المسلمين، وفى المشهد خليط من المشايخ والحكام معا.
إعلان الجهاد كفرض عين على السوريين وفرض كفاية على من يجاورها من الأقاليم العربية والإسلامية سيعيد إلينا على الفور المشهد الأفغانى مع فارق أن هناك جيشا ملحدا كافرا احتل بلدا مسلما وهى أفغانستان، ودعمت أمريكا الجهاد الأفغانى ضد الجيش الروسى، يعنى المسلمين يقاتلون فى النهاية جيشا كافرا، أى أن الانقسام هو كفر فى مواجهة إيمان، أو مسلمين فى مواجهة الروس الكافرين، والآن الشيعة فى مواجهة السنة أى أن الانقسام هو داخل الأمة الواحدة على أساس طائفى ومذهبى. فى المشرق العربى كان التنوع سببا فى إثرائه، واليوم ينفتح على هذا الجزء من العالم العربى خطر الطائفية والحشد العقدى القائم على حروب الشيعة فى مواجهة السنة، المشكلة هنا أن وقود تلك المعركة سيكون شبابا غضا لا خبرة له بدون تجارب من الجانب السنى فى مواجهة قوات محترفة فى الجانب الشيعى، وترسم السياسات الرئيسية دولا كبرى إقليمية وعالمية، فالسعودية ودول الخليج والأردن تخشى على أمنها القومى، وأمريكا وروسيا تحركهما مطامع استراتيجية، يبدو أن الأمريكان فيها مستعدون لترك بعض النفوذ فى المنطقة للروس. لا تبدو دول الخليج ولا المعارضة السورية ولا مصر ولا حتى تركيا ولا أمريكا ولا أوروبا ولا الجامعة العربية جادة فى مواجهة الأزمة السورية وإلا ما كانت استمرت منذ مطلع عام 2012، ومن ثم فإن العشوائية والانتظام حيث يريد الأمريكان هو المشكلة فى كل ما يجرى. الدول ترسم السياسات ووقودها متحمسون إسلاميون من الشباب الذين لا يملكون رؤية ولا استراتيجية وفى النهاية يكونون هم الضحايا، على الدول التى يتهدد أمنها القومى أن تتحمل مسؤولياتها وتتدخل هى بعساكرها وجيوشها بدلا من الشحن العاطفى والشعبى لأبنائها فتذرع بذرة الانقسام فى مجتمعاتها ودولها، ما يجرى اليوم هو ترسيم لمرحلة الحروب الطائفية بين أبناء الأمة الواحدة ومن ثم فدعهم يمزق بعضهم بعضا والمنتصرون فى كل الأحوال ليسوا المسلمين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة