الأحداث الكبرى فى مصر دائماً لا تخرج عن 3 أمور كل عام هى الثانوية العامة وصعود المنتخب أو هبوطه «فى الغالب»،، ومسلسلات رمضان، سنكتفى هذه المرة بالثانوية العامة، ليس لأنها هذا العام تأتى فى ظروف صعبة وحرجة، لكنها أصبحت طريفة وتعكس فى كوميديا سوداء ما يعانيه مجتمعنا المصرى من تناقض وعناد ولا مبالاة، الوضع الحالى يكشف ما وصل إليه الطلاب من تشوش، فهم يحفظون ويحفظون ثم يحفظون، حتى تأتى ليلة الامتحان فيبدأون التخمين فيما سيأتى به الامتحان من أسئلة، وهم محاصرون بعدد من التوقعات التى لو جمعتها بجوار بعضها لوجدتها حملت المنهج كله، لقد خلق الحفظ والتلقين طالبا جامد العقل، يخر صعقاً أمام أول سؤال خرج عن إطار تخمينه، طبيعى جدا أن يفشل فى إجابة سؤال عن جمع «وحى» أو مضاد «فجأة»، والنتيجة أجيال تحمل من الشهادات ما تنوء بحمله الجبال، بلا وعى أو رصيد معرفى أو حتى معلومات عامة.
الطرف الآخر فى تلك المعادلة المريرة هو وزارة التربية والتعليم، وأزعم أنها فى مقدمة الوزارات التى تكرر الأخطاء التى تقع فيها كل عام، وتطلق نفس التبريرات التى تسوقها لنا مع كل أزمة، فتلقى اللوم دائما على آخرين «أولياء الأمور – ضعف الموارد – الإعلام» ولا تعترف أبدا أن الخطأ يكمن فى بنيانها الفكرى والإدارى، فهى لم تنجح فى القضاء على أى ظاهرة سلبية منذ سنوات، الدروس الخصوصية تستوحش بعد أن أخذت إطاراً شرعياً من الطلاب وأهاليهم، التكدس فى الفصول يتضاعف رغم لجوء الحكومات للتسول من رجال الأعمال من أجل بناء المدارس، مشاكل المعلمين تزداد سوءا فهم يتذمرون من أوضاعهم المادية، وأولياء الأمور يشكون من تدهور مستويات المعلمين، والوزراء يتعاقبون على الوزارة فقط ليتباهون بنيتهم تعديل المناهج «بما يناسب ظروف العصر وسوق العمل»، وتغيير نظام الثانوية العامة «بما يحقق طموحات الطلاب وذويهم»، ليذهب وزير ويأتى آخر، فلا منهج تطور ولا طالب انصلح حاله.