عمرو جاد

"خليه يتفسح يا ريس"

الأربعاء، 19 يونيو 2013 08:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مواليد الثمانينات يفهمون ما سأقوله أكثر من غيرهم.. نحن جيل تربى على التناقض والمداراة وعدم الممانعة خوفا على استقرار الأسرة أو كرامة كبيرها.. سمعنا عن خطاب القوى العاملة واشترى القادرون منا وظيفة فى الكهرباء بـ30 ألف جنيه، وانخدعنا فى زكريا عزمى ووثقنا لفترة فى أيمن نور وكنا نخشى لغد كمال الشاذلى وغموض صفوت الشريف، ونحترم حنجرة البدرى فرغلى، بعضنا كان يعتبر مبارك فاسدا فى النهار، ويبدى إعجابه ليلا بقدرته على تجنيب مصر فى حروب.. كان فهمنا للسياسة يرتبط بحالتنا المادية ومزاجنا النفسى والعاطفى والجنسى.. من الآخر كده كنا لا نفهم فى السياسة.

أقول هذا الكلام وأنا أرى بعينى نظرات البراءة والاستكانة التى تفيض من حديث الرئيس السابق حسنى مبارك وهو يتفضل علينا بأنه قرر الرحيل حبا وحماية لهذا الشعب وأن مرسى "بيتفسح" وأنه اختيارنا، أنا أتفهم إحساسك بالشماتة وأعرف أن كل صراخ المعارضين للنظام الحالى يغذى إحساسك بالدفء فى برودة الزنزانة، ويزيد نضارة وجهك الذى زادت تجاعيده بعد أن أعطتك الدنيا ظهرها، لكنك للأسف تدرك فى قرارة نفسك أن نشوة هذه لا تزيد عن كونها هلاوس نائم أو إغفاءات مستيقظ، الحقيقة أن كثيرا من هؤلاء الذين "شربوا" مرسى لا يتمنون أبدا أن تعود أيامك وللأسف أنا منهم، قد أكون حائرا وخائفا من المستقبل، لكننى أؤمن بأن الإنسان يصنع مستقبله وإن لم يعجبه فالقدرة على التغيير باقية والحكام سيفنون.

أنا لست ناشطا سياسيا أو منظرا أكاديميا كما أننى يدركنى النوم مع أول 3 دقائق فى الندوات والمؤتمرات السياسة ونشرات الأخبار، إذن فالسبب الذى يجعلنى لا أتمنى عودتك بلا فلسفة هو هذا الشعور الخفى الذى تشعر به الآن وأنت تتحسس رأسك ليلا لتتأكد من وجوده فى مكانه وتتحسر على أيام الصبغة الفاخرة، وأنت تنظر للحراس الذين يرفعون أعينهم فى السماء حتى لا تلتقى بعينيك وأنت فى هذه الحالة، إنه شعور المهانة سيدى الرئيس.. أنت تشعر به فقط منذ بضعة شهور، بينما أجيالا كثيرا عاشت سنين طوال تنتظر ما يخبئه لها نظامك من المهانة.. على أيدى ضباطك أم موظفيك أو حتى كروش حزبك التى تربت على الولغ فى أموال الشعب.

أراك تتسامح مع نفسك وتمنحها الأمل فى أن الدماء التى قد تجرى على أرض مصر ستغسل عن ذاكرة الناس كل ما علق بها من صور عن فشلك وإهمالك والسوس الذى تركته ينخر فى جسد هذا الوطن، صدقنى لن تنال العفو حتى تجثو على ركبتيك طالبا العفو والسماح من كل عين تركتها باكية بظلمك وكل بطن ماتت جوعا من فساد حاشيتك، وكل معتقل مات مقهورا من عدلك الذى لا يأتى أبدا.. صدقنى أيضا لو أن هذه الثورة فشلت وتداعت علينا التيارات بصالحها وموتورها ومتطرفها وخائنها، فالعار كل العار أن نقول "ولا يوم من أيامك".








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة