حنان شومان

عبادة الأصنام بين الإخوان ومعارضيهم

الجمعة، 21 يونيو 2013 06:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بادئ ذى بدء، علينا أن نتفق.. أنت عزيزى القارئ، وأنا كاتبة هذا المقال، أنه لا قدسية إلا لله ورسله وكتبه، أما كل ما هو دون ذلك فقابل للاختلاف والخلاف، وعلىّ أن أنبهك لو أنك ممن يقدسون البشر، وبعض الأفكار دون نقاش أو قبول للاختلاف، فخدها من قصيرها ولا تكمل قراءة المقال، لأننى ببساطة قررت أن أحطم بعضا من أصنام صنعناها، وذلك قبل يوم 30 يونيو، اليوم الذى تواعد فيه الملايين على اللقاء، وأنا منهم، فدعونا قبل ما يمكن أن نطلق عليه الجمعية العمومية للشعب المصرى أن نتكلم عن بعض من الحقيقة الغائبة، ودعونا نحطم بعضا من الأصنام.
1 - نردد دائماً أننا شعب مؤمن بطبيعته، وأن الدين مكون رئيسى من مكونات المصرى، ذلك اعتماداً على تاريخ هذا البلد الذى ظهر فيه التوحيد أول ما ظهر، وأننا بلد الألف مئذنة، والبلد الذى آوى العذراء إليه فهربت إليه بوليدها، استكنا وصدقنا أنه لا أحد غيرنا ولا مثلنا مؤمن، وأن مشايخ الدين لدينا هم الأصل ودونهم الصورة، وأن الشيخ لابد أن يكون على حق، وصاحب اللحية رجل طيب بتاع ربنا، وأن من بدأ كلامه ببسم الله فهو صادق، وبالتالى صدقنا أن الإخوان المسلمين، ومن يطلقون على أنفسهم «سلفيين» هم من أهل الفضيلة والتقوى، وصنع منهم البعض أصناماً يعبدونها، حتى صار لكل منهم صنم، إما المرشد، أو مرسى، أو الشاطر، أو الشيخ جبريل، أو الشيخ فلان أو علان، أما الحقيقة الغائبة فهى أن الشعب المصرى على إطلاقه غير متدين، ولكنه متمسك بمظاهر التدين، فنحن نتعاطى الكذب والنفاق والرشوة ليل نهار، ولا نرى فى ذلك كفرا أو خطيئة، لكننا نرى فى امرأة سافرة خروجا على الدين، وفى امرأة منقبة كل الدين.
نرى فى صلاة الجمعة فرضا، ولا نرى اغتيابنا بعضنا فى طريق عودتنا من نفس هذه الصلاة فسادا.. مئات من الأمثلة قد تستغرق صفحات تؤكد أننا شعب يعشق المظهر الدينى، لكنه لا يمارس جوهر الدين، وفى ذلك يتساوى الكل من الحاكم للمحكوم، فلو اتفقنا على أن ذلك جزء من علتنا، فبالتأكيد سنبحث عن وسيلة علاج، أما وأن لم نتفق على ذلك، فلا علاج لنا من تلك الآفة.
2 - وكما يمارس عبادة الأصنام بعض الذين يتشدقون بالدين، فعلى الجانب الآخر هناك كثير من عبدة أصنام العجوة من أهل الثورة، والمناهضين للإخوان وحكمهم، فكما يمارس الإخوان تقسيم الشعب إلى كهنة وكفرة، هناك على الجانب الآخر من يقسم بقية الشعب إلى أهل ثورة وأهل عورة، إلى ملائكة وشياطين، إلى مواطنين وفلول، ولهؤلاء أقول لا كهنة ولا عبيد بين شعب أسرع بالخروج، أو جلس فى بيته يفكر فيما يدور.
الثورة لم تبدأ بعد، وكل ما فات كان إرهاصات، ولكن القادم هو الذى يفرز من نكون.
- البرادعى كان سباقاً بالمطالبة، ولكن قبله بسنين وقف العشرات والمئات ثم الآلاف من البسطاء، وغير البسطاء على أبواب مجلس الوزراء، ومجلس الشعب، يصرخون ثائرين مطالبين بحق للشعب، فلا تجعلوا من البرادعى صنما نعبده، ولا تجعلوا منه شخصية لا يأتيها الباطل من أمامها أو خلفها.
- أم خالد سعيد انتقدتها يوما على «تويتر» فخرج محبوها ينعتوننى بكل الصفات السيئة، لأننى تجرأت على السؤال، وكأنها صنم لا يجب أن يمس حتى بالسؤال، هى أم فقدت ابنها نعم، وتبحث عن حقه، ولكنها ليست أم المصريين وأيقونة الثورة، فهناك مئات وآلاف الأمهات اللاتى فقدن أبنائهن، وربما فى ظرف أكثر مأساوية، فكل أم لشهيد حقيقى هى مثال، وأم خالد سعيد ليست وحدها.
- الشهداء.. صارت كلمة للتجارة أكثر منها للقيمة، حتى المرشد حين وقف يهمس لمرسى يذكره بالشهداء، كان ليتاجر بها، وعلى الجانب الآخر المناهض لهم يقف العشرات والمئات، وأحيانا الآلاف، يطالبون بحق الشهداء، فاختلط الحق بالباطل فى هذه الكلمة، والجهل بالعلم، والانتهازية بالوطنية، للشهداء حق عند ربهم، فهو أعلم بمن يكون شهيداً، ومن كان كاذباً، دعونا نطالب بحق الأحياء أولاً، ولا نتخذ من كلمة شهيد صنما نعبده.
- كراهية الشرطة والثأر منها هى الأخرى كلمة وفعل يبدو لدى البعض كأنهم صنعوه كصنم ودين لا يحيدون عنه، ولا يرضون عنه بديلاً، جهاز الشرطة فى أى مكان فى العالم فيه الصالح والطالح، ولكنه جهاز حيوى لمعيشتنا، وفى الدول المشابهة لنا من العالم الثالث جهاز الشرطة يخدم الحاكم، والحاكم ظالم، وبالتالى فالشرطة ظالمة، فالحل أن تقوّم الحاكم وتقاومه، ولو انصلح الأصل انصلح الفرع، فلا تجعل ثأرك إلا على من ظلمك، ومن ظلمك هو الحاكم لا العصا.
عشرات ومئات من قوالب الكلمات والأفعال يعيشها المصريون منذ يناير 2011، وصارت تكبر وتكبر حتى تحولت إلى جبال من الأصنام يستخدمها كل مغرض، ومن فرط تكلسها لا أحد يحاول أن يناقشها حتى مع نفسه، ويعيد التفكير فيها.. دعونا نطهر عقولنا ونفوسنا قبل أن تجمعنا الشوارع مطالبين بعودة مصر لأهلها، كل أهلها، ونحطم كل الأصنام لأنها ستأكلنا وليس العكس، وتلك هى الحقيقة الغائبة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة