أنت مصرى؟.. سؤال كان يكفى عندما يوجهه مواطن لآخر ليبتسما ويتبادلا السلام، للأسف لم يعد يكفى، بالرغم من أن ميدان التحرير بدا مكانا اختفت فيه الفواصل، وارتفعت قيمة الكثير من الأشياء التى كادت تفقد معناها تحت التسلط. العلم والاغانى والتفاصيل الصغيرة بحلوها ومرها، واختفت التقسيمات إلى مسلم ومسيحى، بحيرى وصعيدى.
أنت مصرى؟.. سؤال اجابته لا تعنى أنه أفضل أو أقل، بل أنه يعرف مصر بمشكلاتها وزحامها، بأغانيها بطقوس العائلة والمقاهى، والزحام والفوضى والحالنجية والجادين، وبالفوضى التى يتمنى زوالها، لكنه كان يتعامل معها.
«مصرى» تبدو الآن غير كافية، وتحتاج إلى تفسيرات وملحقات.. مسلم ولا مسيحى، صعيدى ولابحراوى، سنى ولا شيعى؟.. تقسيمات تنمو مثل الأورام، حتى الأورام لها علاج، بينما ورم الطائفية والعرقية والعنصرية بلا علاج.
أنت مصرى؟.. لم تعد تكفى الإجابة، وهناك من يقسم المصريين إلى «إحنا وأنتم»، أو «إحنا وهمّا».. و«إحنا» تعنى جماعة الإخوان وملحقاتها فى السلطة، و«أنتم أو همّا» تعنى كل من يعارض الجماعة والرئيس، مع أن من أصبحوا «أنتم» كانوا فى نفس الصف مع «إحنا».
رأينا كيف تحول من فى السلطة إلى ناس آخرين، وأصبح المعارضون والغاضبون كأنهم كائنات قادمة من كوكب آخر، رأينا مؤتمرات للرئيس يخاطب فيها أنصاره فقط، بعد الإعلان الدستورى، وفى مؤتمر الاستاد، حيث يلتقى بمؤيديه، ليقيموا حفلا طائفيا يكفّر الشيعة، يليه مؤتمر فى رابعة العدوية يتهم «الآخرين» ويهددهم، ويحولهم من معارضين للفشل إلى أعداء للمشروع الإسلامى، ويصنف كل من يعارض جماعة الإخوان بأنه يعارض مشروعا إسلاميا، ويتحدثون باسم الشعب فى مواجهة شعب آخر يسحبون منه حقه فى الاعتراض، وعلينا أن نعترف بأن بين المعارضة من يفعل هذا، لكن السلطة تتحمل النصيب الأكبر.
أنت مصرى؟.. لم تعد الإجابة تكفى فى زاوية أبومسلم، حيث مصريون يحتفلون بذبح وقتل وحرق مواطنيهم وهم يرفعون علامة النصر لأنهم «شيعة»، أليسوا بشرا، أليسوا مسلمين.. مصريين؟، وهل يعلم القتلة أن ابن الشيخ القتيل حسن شحاتة، سنى؟.. وهل تفرق معهم أنه مصرى أو إنسان؟
الإجابة أنهم شيعة.. وهل من حقك أن تقتل إنسانا لأنه يختلف عنك فى المذهب؟، وهل يمكن أن تحل الخلاف بالقتل؟، سيرد بعضهم: هناك من يقتل السنة؟.. فهل الجريمة تبرر الجريمة؟
هؤلاء الذين يقتلون على الهوية والدين يفتتون بلادهم، بل هم قسموها لنفس السبب، لأنهم تجاهلوا كون الشخص عراقيا أو سودانيا أو صوماليا، ومنحوا أنفسهم حق تصنيف البشر إلى مؤمنين وكفار، وإلى سنة وشيعة وإلى مسلمين ومسيحيين، وتحت هذا التصنيف يمكن قتل من تراه أنت علمانيا أو ديمقراطيا أو ليبراليا أو يساريا، أو حتى مجرد مصرى يختلف معك، ويمكن بالمصادفة أن يكون هذا الشخص جارك أو صديقك أو قريبك.. ليتحول فجأة إلى عدو، لا يكفى معه إنك مصرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة