نفت المصادر الأمريكية ما تردد حول نقل السفيرة الأمريكية آن باترسون من القاهرة، وسط هجوم حاد من القوى المدنية، وذلك من جراء «تصريحاتها الصريحة على غير عادتها»، كما نشرت الواشنطن بوست الجمعة الماضى رصدا لتصريحاتها، بل وصل الأمر بالواشنطن بوست أن تتندر عليها بالقول: «المصريون يلقبونها بسفيرة الجماعة»، وكانت السفيرة قد التقت الخميس الماضى الشاطر، فى لقاء استمر 90 دقيقة ضمن «13» لقاء عقدتهم السفيرة الأمريكية مع قادة معارضين ومسؤولين حكوميين وزعماء دينيين من مطلع يونيو وحتى الآن، فى كل هذه اللقاءات كان القاسم المشترك الأعظم 30 يونيو، تمرد، والموقف الأمريكى من الإخوان.. نبدأ بابن خلدون، المكان الذى شهد الزواج العرفى بين الإخوان والأمريكان، استضاف المركز فى رواقه الأسبوعى السفيرة الأمريكية، قالت باترسون إن الولايات المتحدة لن تقول لمرسى «ارحل»، لأن مرسى ليس مبارك، فمرسى رئيس مدنى منتخب جاء عبر صناديق الانتخابات بعد الثورة، أما مبارك لم يكن رئيسا منتخبا ونظامه لم يقم على أسس ديمقراطية، وأشارت إلى أن الإدارة الأمريكية ضد أى حدوث أى فوضى، وبالتالى فهى لا تؤيد تظاهرات 30 يونيو التى قد تتسبب فى فوضى، كما أن الإدارة الأمريكية ترفض تماما عودة المؤسسة العسكرية للحكم، فليس فى مصلحة مصر ولا فى مصلحة أمريكا أن يعود الجيش للحكم.
ولم يختلف خطابها فى باقى اللقاءات عن ذلك الخطاب، وعلى العكس من خطاب باترسون كان خطاب ويندى شيرمن الذى أثار قلق الأوساط الإسلامية عامة والإخوانية خاصة، كما أن لقاءات شيرمن لم تشمل لا الإخوان ولا الحرية والعدالة، الأمر الذى دفعهم للخوف من أن تكون الإدارة الأمريكية تدير تفاوضا بين مرسى والمعارضة بعيدا عن الإخوان، الأمر الذى دفع باترسون للقاء الشاطر مرتين، مرة بعد لقاء شيرمن مع المعارضة، والأخرى الخميس الماضى، فى دلالة واضحة على أن هناك انقساما فى الإدارة الأمريكية حول الموقف من حكم مرسى والإخوان، تمثل فيه آن باترسون الاتجاه المنحاز للإخوان، فى حين تمثل شيرمن اتجاها آخر فى الخارجية والإدارة مع البحث عن بدائل والانحياز لإرادة الشعب المصرى، سواء تجسدت تلك الإرادة الشعبية فى صناديق الانتخاب أو فى الشارع، وفى الحالتين يدافع الطرفان عن المصالح الأمريكية، الاتجاه الذى تمثله باترسون هو المتمثل فى «البنتاجون»، ومن هنا تمتلك القوة الأمر الذى أعطاها دافعا لكى تتحدث حتى عن القوات المسلحة، مما دفع المتحدث العسكرى أن يقول لقناة العربية: «القوات المسلحة لا تقبل الضغوط أو التدخل الخارجى فى الشؤون الداخلية، بذريعة حماية الديمقراطية»، أما الاتجاهات المختلفة مع اتجاه باترسون، فهى أوباما وفريق العمل الرئاسى، وقطاع من الديمقراطيين فى الكونجرس، لكن كما نشر معهد واشنطن للدراسات الأسبوع الماضى تقريرا مهما، طرح فية أربعة سيناريوهات هى: الأول: نجاح تمرد فى إسقاط مرسى كما أسقطت الجماهير مبارك، الثانى أن تتحول الحركة إلى العنف مما يهدد بحرب أهلية، الثالث: أن تستمر الاحتجاجات سلمية حتى تجبر تمرد مرسى على انتخابات برلمانية تستفيد منها المعارضة وتفوز بالأغلبية مما يؤدى إلى اقتسام السلطة بين الإخوان والقوى المدنية، السيناريو الرابع أن يلجأ مرسى لإجراء استباقى عبر استفتاء على فترة رئاسته، وينتهى التقرير بعبارة تلخص الموقف الأمريكى بالقول: «الكرة فى ملعب الشعب المصرى»، هكذا يفكر صناع القرار الأمريكى، الذين يؤمنون بأن الشعب المصرى هو صاحب القرار.