التقيت صديقين فى الفترة الأخيرة، كانا ضمن صفوف جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة فى بداية نشأته، كان الصديقان يلتقيان فى لقاءات تشاورية تخص الجماعة وحزبها، وهما ممن خرجوا فى ثورة 25 يناير ولم ينتظرا قرار مشاركة الجماعة فى الثورة الذى تأخر لعدة أيام، وانتقدا هذا التلكؤ، وأحدهما ذهب إلى ميدان التحرير منذ يوم 25 يناير ولم يغادره إلا يوم التنحى، ولم يلتفت إلى المساءلة التى سيتعرض لها نتيجة فعله الفردى هذا، فحدث الثورة كان بالنسبة له هو الحلم الذى تأخر كثيرا، ولا يمكن أن لا يشارك فيه من لحظته الأولى.
وجه الشبه بينهما أنهما احتفظا باحترامهما لعقلهما وعقيدتهما مع التزامهما بما تستقر عليه الجماعة من اختيارات ورؤى وتوجهات، لكنهما فى نفس الوقت تميزا بروح المناقشة الجادة والاقتراب نسبيا من التيارات السياسية الأخرى، أحدهما كان يواظب على التردد على المقهى وهو فعل لا تجد الإقدام عليه كثيرا من عناصر الإخوان، يتحدث على المقهى بصوت عالى ينتقد الجماعة، فيحيرك أمره هل هو منها أم لا؟، فإذا كان منها كيف له أن تجده ناقدا لممارستها، وإذا كان خارجها فكيف له أن يناصرها فى أوقات لا تستحق المناصرة.
وجه الخلاف بين الصديقين أن أحدهما اعترض على سياسيات الجماعة بعد ثورة 25 يناير، فأعلن الانشقاق عنها، وأصبح من ضيوف الإعلام، لديه الكثير مما يقوله عنها، أعاد قراءة تاريخ الجماعة، بحث عن الوثائق والمؤلفات المحايدة حتى يعيد تقييم ما تعلمه من الجماعة ونظرتها إلى وقائع التاريخ، هو الآن مثلا يعيد قراءة الصراع بينها وبين جمال عبدالناصر، أيهما كان على حق؟، ويفترض سؤالا هو لو انتصرت الجماعة على عبدالناصر، هل كانت ستقدم ما قدمه؟، وهل كان الصراع حول الإسلام كما صورت الجماعة الأمر فيما بعد؟، هو يبحث عن إجابة لهذه الأسئلة، وأمامه تجربة قصيرة لحكمها استمرت مع مرسى مدة عام، ومن خلالها يتصور ماذا كانت ستفعل الجماعة لو حكمت فى حال حسم الصراع لصالحها ضد جمال عبدالناصر، الأمر لا يبدو من وجهة نظره جريا وراء سراب، أو جلوسا على دكة الماضى، وإنما هو عين الحاضر، أكثر ما يميز هذا الصديق أنه يبحث دون قيد «إخوانى»، يبحث وعقله تحرر من قيود التنظيم، ومن قيود حكاياته التى ترى الحق معه فقط.
صديقنا الثانى اعترض على سياسات الجماعة والحزب لكنه رفض الانشقاق عنهما، واكتفى بعدم المشاركة فى الفعاليات الخاصة بهما، كلا الصديقان ورغم أنهما لم يلتقيا لقاءات منفردة، إلا أنهما قالا لى فى أحاديث متفرقة بأن الجماعة تم اختراقها من أجهزة مخابرات أجنبية وتسير فى اتجاه الهاوية، وذلك للثقة المفرطة التى تعطيها القواعد للقيادات وعدم محاسبتهم، قال صديقى الذى استقال بأنه يثق فى أن المخابرات الأمريكية اخترقت صفوف الجماعة، وأن اسما بعينه يعمل لصالحها، وقبلها كان صديقى الذى لم يستقل منها يتحدث معى بنفس المعنى، كلا الصديقين يعطيان شواهد تؤيد رأيهما، يسردان حكايات كثيرة تؤكد أن قواعد الجماعة مغيبة عنها، من تجربتى مع الصديقين، سألتهما، هل يوجد مثلكما فى الجماعة؟،أجابا: نعم، وماذا سيكون مصير هؤلاء بعد 30 يونيو؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة