ناجح إبراهيم

نبوءات هيكل

الثلاثاء، 04 يونيو 2013 06:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد تختلف أو تتفق فكرياً مع بلدياتى الأستاذ محمد حسنين هيكل، الصحفى البارع والسياسى المتميز والأب الروحى للصحافة المصرية، ولكنك لابد أن تقف معجباً بنبوءاته السياسية وتوقعاته الاستراتيجية، ومن أهم نبوءاته السياسية التى أطلقها عقب ثورات الربيع العربى أن الصراع العربى الإسرائيلى قد يضمحل أو يضمر أو ينزوى ليبرز مكانه الصراع السنى الشيعى الذى قد يحرق الأخضر واليابس فى المنطقة العربية والإسلامية ويجعل المسلم يقتل أخاه تاركاً عدوه الحقيقى الذى استلب أرضه ووطنه. رفض الكثيرون هذه النبوءة وزعم البعض أنها محض خيال إذ إن القضية الفلسطينية لم تدخل إلى زوايا النسيان فى العقل العربى أبداً، وقال البعض إنها تخاريف هيكل بعد أن بلغ به الكبر عتيا. ولكن التطورات التى حدثت فى الأسابيع الأخيرة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الأمة العربية والإسلامية مقبلة على أسوأ وأسود أيامها فى الصراع بين السنة والشيعة، وأن الدول العربية مقبلة على حالة جديدة من التمزق والتفرق لم تشهدها من قبل، وأنه سيصدق فينا الحديث الشريف الذى طلب فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم) من ربه «ألا يجعل بأس أمته بينهم شديداً» فلم يستجب له سبحانه فى هذا الطلب بالذات رغم استجابته سبحانه لطلبين آخرين قبلهما. ياه.. هل سندرك هذا اليوم الكئيب؟ هل ستكون بنادقنا موجهة إلى صدور بعضنا البعض؟! هل سيفجر الشيعة مساجد السنة والعكس كما نسمع اليوم؟ هل سيكون القتل بالاسم أو الجنسية أو المذهب.. إنها أنواع من القتل لم تعرفها البشرية، فضلاً عن الإسلام من قبل.
لقد بدأت هذه الحرب فعلاً بأسوأ قرار اتخذه حزب الله فى تاريخه السياسى بالتدخل العسكرى فى سوريا نصرة لبشار الذى قتل وشرد وسجن وعذب شعبه كأسوأ ما يكون الحكام. لقد نسى «حزب الله» دروس التاريخ العديدة وهى ليست منه ببعيد.. نسى أن بداية النهاية للجيش المصرى فى عهد عبدالناصر كانت بالتدخل العسكرى فى اليمن والذى أدى فى النهاية إلى أكبر كارثة عسكرية فى التاريخ المصرى كله فى 5 يونيه 1967م.. ونسى درس صدام فى الكويت.. وكيف كانت بداية النهاية له ولجيشه.. ونسى درس الاحتلال السوفيتى لأفغانستان وكيف تفكك الاتحاد السوفيتى بعدها.. لقد نسى ذلك كله وهو يخط بيده خط بداية النهاية ونزول المنحنى له.. لقد أصبح يقاتل المظلوم وينصر الظالم ويتبنى القضايا الخاسرة ويدافع عنها ليفقد مصداقيته الدينية والتحررية ويغرق فى مستنقع الطائفية وخدمة مصالح الآخرين مؤخراً مصلحة لبنان، ناسياً أن لبنان هى أمه وأبوه وأخته وأخوه، وأنه ليس فوق لبنان، فالجماعات مهما عظمت وقوى بأسها لا يمكن أن تبتلع الدولة أو أن تشمخ بأنفها فوقها أو ترى نفسها أعظم منها أو تقدم مصالح الآخرين من الدول الإقليمية عليها. لقد بدأ الاقتتال الطائفى يطل على لبنان.. بدأت بين حزب الله الشيعى من جانب والسنة فى صيدا والشمال من جانب آخر.. وحزب الله فى حرب مع الجيش السورى الحر.. والسنة والشيعة العراقيون دقوا طبول الحرب وبدأوها عمليا.. وبدأت التفجيرات المتبادلة تحصد الأرواح.. لا أحد الآن يذكر إسرائيل ولا الأرض المحتلة ولا القدس ولا الأقصى.. لا أحد يلوم إسرائيل أو يعتب عليها فى شىء..فأوباما أعلن عن يهودية الدولة الإسرائيلية.. فلم نسمع فى الوطن العربى كله صوتاً ولم نر مظاهرة.. صمت مريب.. ومخجل ومخز.. والآن الكل يخطب ودها وود أمريكا الأب الروحى لها. لقد حققنا لإسرائيل ما لم تكن تحلم به.. العرب كلهم الآن غنيمة باردة لإسرائيل.. إيران وتركيا والعراق وسوريا ولبنان فى حروب باردة أو حروب بالوكالة.. أو حرب استخباراتية.. أو حروب معلنة.. وقد يتطاير الشرر عاجلاً أو آجلاً إلى الخليج.. فيقسم أو يدمر أو.. أو..
إنها الطائفية البغيضة.. وإذا كنا لم نتعلم من الإسلام دروس التعددية.. ولم نرد أن نتعلمها أيضاً من أمريكا التى تحتوى مئات الأعراق والأجناس صهرتهم أمريكا فى بوتقة الحريات المسؤولة والعمل بلا كلل، فمتى نتعلم ذلك؟! يا قوم أدركوا الأمة قبل فوات الأوان.. وقبل قدوم طوفان الطائفية البغيض.. وقبل أن تندموا على أسود أيامكم..








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة