¿ بعد يوم واحد من زيارة رئيسك لإثيوبيا تم تحويل مجرى النيل الأزرق، هو لم يشعر بالإهانة التى شعرت بها، هو يغتنم الفرصة ليلتقى الذين يلتقى بهم لمناقشة تداعيات الخراب، والابتسام بصوت مسموع أمام الكاميرات، حواراتهم مجتمعية معتبرة، تراهم وهم مجتمعون «مجتمعيين» أكثر مما ينبغى ووعاظا فوق الوصف، ويتحدثون عن مصر وكأنها أختهم المطلقة، أنت تشاهد بلدك يدخل القفص الذى أعده أعداؤك له، الأعداء الذين يدعمون حكامك لكى تصير قزما، هم سعداء وأنت هكذا، وأن مصر المكان والمكانة والتاريخ والمعنى تترنح، هم سعداء لأن القائمين على أمرها أقل منها، شيمون بيريز فى كتابه «الشرق الأوسط الجديد» قال: «إن إسرائيل لا ينبغى أن تنتظر حتى تأتيها خطوط أنابيب بالمياه من تركيا، بل يجب أن تعمل بسرعة على توفير موارد جديدة وقريبة للمياه»، سبقتك إلى النبع الذى يسقى روحك، إسرائيل تستحوذ على 80% من كهرباء سد النهضة الإثيوبى، السد الذى سيؤدى إلى تصحر 5 ملايين فدان فى بلدك، وسيجعل السد العالى غير قادر على توليد الكهرباء (يوفر 30% من إنتاجها)، يشعرون أنك ضعيف، أمريكا ستستخدم سد النهضة كورقة ضغط لتوصيل المياه إلى إسرائيل وتحقيق أمنية بيريز، رجال الرئيس فى المنطقة سيقولون إن القانون الدولى يقف فى صفنا، وأن الاتفاقيات الدولية ملزمة وأنه لابد من موافقة دولتى المصب على السد الجديد، يتحدثون عن القانون الدولى وهم ينتهكون القانون فى الداخل، أمريكا من الممكن أن تقف إلى جوارك، وستخيرك بين مياه النيل أو سيناء، ربما يحدث هذا، وسيحتفل أهل المقطم بالانتصار المرتقب، الكهنة الذين لا يؤمنون بحدودك الوطنية، بدأت مواسم العطش بالفعل، مصر هذه الأيام فى حاجة إلى مصر «هبة النيل» المكان والمكانة والتاريخ والمعنى، إلى مصر التى إذا وقفت على قدميها اخضر زرعها وعادت الابتسامة على وجه شعبها.
¿ أتمنى أن يقرأ كهنة المقطم ما يحدث فى تركيا جيداً، قبل أن يبعثوا أتوبيساتهم، وبعيداً عن القناعات الجاهزة، الازدهار الاقتصادى الذى حدث هناك فى السنوات الأخيرة، يرجع الفضل فيه إلى مصر المريضة، الأوردغانيون استثمروا كل مصائبنا لتزدهر تجارتهم، تحالفوا مع رجال أعمال السمع والطاعة على المنتج المصرى، وأغرقوا مصر ببضاعتهم، أخذوا السياحة العربية كلها، أخذوا السياحة الداخلية أيضاً، أغرقونا بمسلسلاتهم ووكالة أناضولهم، تم ضرب صناعة الأثاث والملابس الجاهزة والأوانى وفتحت مصر المريضة مصانعهم التى أغلقتها الأزمة المالية العالمية قبل ثورتها مباشرة، أموال التنظيم الدولى كانت الغطاء الذى جعل المنتج التركى متوسط القيمة له سعر فى مصر، ونسى تجار الدين والأوطان أن القمع وغياب الحريات سيؤدى إلى ميدان تحرير جديد فى «تقسيم»، أردوغان يمتلك اليقين الكامل مثله مثل العريان وأبوإسلام وأبوإسماعيل، هو مؤمن بفكرة الخلافة التى بشر بها حسن البنا، لم يكن يوما ضد إسرائيل، لم يقف إلى جوار العرب فى معركة، هو أحد أذرع الغرب الذى ينهب ثروات العرب ويعوق تقدمهم، هو صبى صغير يعمل فى ورشة الرأسمالية الجشعة التى تضيق بالفقراء والمرضى والمسنين، أردوغان العثمانلى استثمر غياب مصر ودخل ليبيا لكى يعمرها بدلا من المصريين، هو ابن بلاغة منبرية فجة تجاوزتها الأحداث، ثار شعبه لأنه تخيل أنه يعرف مصلحته أكثر منه، استخدم قاموس مبارك ومرسى عندما تحدث عن معارضيه، النموذج التركى الذى بشروا المصريين به قام على التلفيق، واستثمار كوارث الآخرين..الشعب التركى ليس سهلا.. بدأ.. وغالباً سينتصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة