إبراهيم عبد المجيد

المسألة الوطنية

الجمعة، 07 يونيو 2013 06:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أدهشنى فجأة تردد كلمة المسألة الوطنية فيما أثير حول أزمة بناء سد النهضة فى إثيوبيا، وما يمكن أن يخلفه من آثار على حصة مصر من المياه، وأثر ذلك مستقبلا على التربة الزراعية وغير ذلك مما كثر - ولا يزال - الكلام فيه. المسألة الوطنية شعار له أثره على نفس وروح كل شخص. عادة يعنى أن تكف عن الحديث فى أى أمر آخر. تماما كما تسمع جملة قضية أمن قومى. ورغم ذلك فجملة المسألة الوطنية لها تاريخ. بل تكاد تكون شعار العصر الحديث فى مصر منذ الاحتلال الإنجليزى للبلاد عام 1882. ظهرت قبل ذلك بلا شك متقطعة فى مواجهة الاحتلال الفرنسى. وفى صراع محمد على مع الخارج. تركيا أو حتى أوروبا. لكنها مشت مع مصر منذ الاحتلال الإنجليزى ولم تنقطع إلا قليلا بعد حرب السويس عام 1956 ثم عادت بعد هزيمة 1967 فى لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ثم اختفت بعد حرب أكتوبر التى انتهت باتفاقية السلام وانتهى شكلا الصراع المصرى الإسرائيلى. عادت هذه الجملة شعارا فى أزمة سد النهضة، ومبررا لكل من ذهب للقاء الرئاسة حول الموضوع. والحقيقة أنا لا الوم أحدا على الذهاب، فكل الذين ذهبوا يذهبون دائما. لا تستثنى منهم غير الدكتور عمرو حمزاوى الذى ناله ما ناله من انتقاد على مواقع الفضاء الافتراضى، بينما رأيت أنا فى ذهابه ربما رغبة قوية فى المعرفة. وربما رغبة قوية أن يصل رأيه مباشرة إلى من يهمه الأمر. ولا يعنى أبدا ذهابه أنه مستعد للذهاب فى كل وقت. قلت لنفسى أحيانا توقع الروح الليبرالية صاحبها فى الفراغ. وعلى عكس كل الناس لم أر فيما حدث من إذاعة اللقاء خطأ إجرائيا. وعلينا أن نكف عن القول إن هذا النظام غير مدرب وتنقصه الخبرة ومن ثم تتكرر أخطاؤه. هذا نظام يعرف ما يفعل وأراد أن يظهر للعالم حال معارضته المتدنى، وأنه ديموقراطى إلى أقصى مدى. وأنه مسكين محاصر بهذه المعارضة. ماعلينا. أعود للمسألة الوطنية وأتساءل هل يظل التعريف التاريخى للمسألة الوطنية فى مواجهة الأعداء خارج البلاد فقط؟ طيب وحين تحدث ثورة مثل ثورة يناير وتصل بالنظام الحالى إلى الحكم ثم يغدر بها ويفتح سجونه لشبابها وأطفالها ونسائها، ألا يعد ذلك غدرا بالمسألة الوطنية؟ وهل قامت الثورة من أجل التخلص من احتلال خارجى أم احتلال داخلى من نظام سياسى ورئيس ودولة عميقة تجبروا فى كل شىء، وحين يأتى نظام آخر ليقوم بالدور نفسه الذى كان يفعله النظام القديم من انفراد بثروة البلاد وعدم تنفيذ أى شىء، مما هو عاجل من مطالب الثورة أو حتى البدء فيما هو آجل، هل تكون المسألة الوطنية بخير؟ ماذا أنت أيها الوطن. وماذا فيك من سر يهيج كوامن الشجن. وهل أنت إلا أرض وماء. هذا كلام قديم كنا نحفظه فى المدرسة الإعدادية لمحمود تيمور حين كان هناك تعليم. حقا أنت قبضة من تراب وحفنة من ماء لكنها قبضة يختلط بها دماء القلب وحفنة يمتزج بها عبير الروح. أرجو ألا أكون أخطأت فى العبارة العظيمة لأنى نسيت أيضا ما قاله عن هواء الوطن. الوطن هو ما تعيش فيه وإذا لم يكن ما تعيش فيه يعطيك فرصة العيش فليس هو بالوطن، ولابد من إعادته بسرعة إلى موقعه فى القلب والروح. وهذا لا يكون إلا بالعيش الحر الكريم. المسألة الوطنية يا سادة هى حماية هذه البلاد من الانفراد بها. من أن تستولى عليها طائفة تقوم على الفكر الطائفى الذى لا يرى شعبا غير أعضاء الطائفة ويرى الأرض كلها لهم وحدهم. من هنا يأتى تكدير حياة الشعب ومن هنا يأتى القضاء على من ثاروا ليكون لنا وطن. فى مصر اليوم قيامة جديدة للشباب تحت شعار تمرد تريد أن تعيد الوطن لأهله وليس لطائفة منه. وأنا أستخدم تعبير طائفة ليس بمعنى الجماعة المحدودة. لكن بالمعنى التاريخى للطوائف التى لا ترى من هم خارج سورها إلا أعداء لها يجب إرهاقهم والفتك بهم. مضى عام ولم يستطع الإخوان المسلمون أن يتخلصوا من إرثهم وكونهم جماعة مستقلة عن الوطن لها أسرارها وكهنوتها. مضى عام يتصورون فيه أنه لابد أن يدخل الجميع رضاء أو قسرا فى الطائفة. مضى عام فشلوا فيه فى كل شىء ولم يكفوا فيه عن الأذى للثوار. وتأتى مسألة مثل سد النهضة. مصادفة قدرية أن يرفعوا شعار النهضة فيأتيهم سد فى وجهها. درس إلهى. تأتى هذه المسألة فيرتفع الشعار عن المسألة الوطنية، كأن السجون عامرة بالأعداء وليس بالثوار الذين جعلوا هؤلاء جميعا فى قصر الرئاسة. من هم فى السجون بعيدون عن الأعين. لكن ما رأيكم فى وزير رى صار رئيسا للوزراء وعطشت الأرض فى عهده وتشققت. هل لا يعرف أن ذلك سينتهى بالكفر بكل شىء. يعرف. هل مطلوب أن يهجر الناس أرضهم، وطنهم ويبيعونه لأول تاجر من طائفة الإخوان فتعود المياه. ما هى الصعوبة أن تروى الأرض. السولار. وأين ذهب السولار. الماء. وأين ذهب الماء؟ وتزداد الكارثة كل يوم. وكأنه مطلوب أن لا يجد المصريون من خارج الطائفة أرضا يعيشون عليها. هذه أمثلة وغيرها كثير، لكنى أمسك بالأرض لأنها الوطن الذى نراه تحت أقدامنا كل يوم ونعيش عليه. اجتماع مع الرئيس وشباب الثورة فى السجن وأرض الوطن تتشقق كيف يكون من أجل مسألة وطنية؟ قولوا أزمة المياه لكن ابتعدوا عن الوطن. لا تستخدموا الكلمة التى تشحذ القلوب إلا فى موضعها. وموضعها الوحيد الآن هو التمرد على من يريدون سرقة الوطن، ومن يريدون خروج أهل الوطن ومن يعاقبون من ثاروا من أجل الوطن. وإذا كان لابد من حديث عن مسألة وطنية فهى سيناء التى يحتلها الإرهاب الذى مكن القضاء عليه بليل لكن لا أحد يستجيب أو يفكر.. ارحمونا يرحمكم الله من الحديث عن الأخطار التى تتهدد الوطن. الخطر الوحيد هو هذا الحكم الذى أمضى عاما يتنزه بين أرجائه، وكلما حط فى مكان حط الخراب بعده وبسرعة. لقد احتفل الرئيس بعيد الحصاد فشرقت أراضى البلاد. ذهب الرئيس إلى السودان فارتفعت الأصوات تريد حلايب وشلاتين. ذهب الرئيس إلى إثيوبيا فأعلن عن بناء سد النهضة. ما أجمله من نظام سياسى طلع بفجر هذا الوطن الغيوم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة