ومن عجائب الشحاذين ما قاله المدائنى: سمعت أعرابيا يسأل وهو يقول رحم الله امرأ لم تمج أذناه كلامى، وقدم لنفسه معاذه من سوء مقامى، فإن البلاد مجدبة والدار مضيعة، والحال سيئة والحياء زاجر، ينهى عن كلامكم، فلأعدم عاذر يحملنى على إخباركم، والدعاء إحدى الصدقتين، فرحم الله امرأ أمر بمير أو دعا بخير، فقال له بعض القوم ممن الرجل؟، فقال: ممن لا تنفعكم معرفته ولا تضركم جهالته، ذل الاكتساب يمنع من عز الانتساب.
وعن الصقلاطى أن رجلاً كان عندهم له غلام بعثه إلى قرية ليأتيه منها بغنم فبعثوا معه من الحملان عشرة، وكتبوا معه بعددها رقعة، فجاء الغلام بتسعة فقال له سيده: كم سلموا إليك قال: عشرة قال: هذه تسعة، قال: عدها فجعل يعدها يقول واحد اثنين ثلاثة إلى أن قال تسعة، فقال الغلام: والله ما أدرى ما تقول وما هى إلا عشرة، فقال: ويحك إنى أعدها، قال: ما هى إلا عشرة وإلا فتدخل إلى عشرة من الرجال وتمسك كل واحد حملاً، قال: افعل فأدخلوا عشرة ومسك كل رجل حملاً وبقى واحد فقال له السيد: هذا ما معه شىء فقال: لقد تأخر، كان يدخل ويأخذ فى الأول.
وحكى أب والفضل أحمد الهمذانى قال: جاءت امرأة إلى القاضى وذكرت أن زوجها طلقها فقال القاضى: ألك بينة؟، فقالت: نعم. جار لنا، قال: فأحضرته، فقال القاضى للجار: أسمعت طلاق هذه المرأة؟، قال: يا سيدى خرجت إلى السوق فاشتريت لحمًا وخبزاً ودبسًا وزعفرانًا، فقال له القاضى: ما سألتك عن هذا، هل سمعت طلاق هذه المرأة؟، قال: ثم تركته فى البيت وعدت فاشتريت حطبًا وخلاً، فقال: دع هذا عنك، فقال الجار: ما أحسن الحديث من أوله، ثم قال: جلت فى الدار جولة فسمعت زعقاتهم وسمعت الطلاق الثلاث فما أدرى أهى طلقته أم هو طلقها.
وروى أبوالحسين بن برهان قال: عاد رجل مريضًا فقال له: ما علتك؟، قال: وجع الركبتين، فقال: والله لقد قال جرير بيتًا ذهب منى صدره وبقى عجزه وهو قوله: وليس لداء الركبتين طبيب، فقال المريض: لا بشرك الله بالخير ليتك ذكرت صدره ونسيت عجزه. وذكر أبوالحسن أيضا قال: دخلت مرة على بعض أصدقائى وفيهم مريض العين، ومعى مغفل قال لى كيف عينك؟، قال: تؤلمنى، فقال المغفل: والله إن فلانًا آلمته عينه أياماً ثم ذهبت، فاستحييت واستعجلت الخروج.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة