لا يبدو لى أن تخبط الإدارة الأمريكية وسياستها الخارجية أمر يحتاج لتفسير، فالإدارة الأمريكية تحركاتها دوما لمصلحتها والحفاظ على نفوذها داخل المنطقة. فى كل مرة تخطئ الإدارة الأمريكية فى تقدير قوة الشعوب التى تتعامل معها وقدرات حلفائها من الحكام الذين لا يستطيعون الصمود أمام رفض الملايين لهم حتى ولو ساندتهم الإدارة الأمريكية، وقد حدث ذلك مع ثلاث سلطات مختلفة مرت بها مصر فى السنوات القليلة الماضية منذ 25 يناير 2011. وإذا لم تستوعب الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة درس قوة البلاد الحقيقية فى شعوبها وليس فى قاداتها، وأن تتعامل بمنطق الشريك مع الدول ذات الشعوب القوية لا منطق التابع. فزمن التبعية ينتهى عندما تتحدث إرادة الشعوب وتصبح هى السلطة العليا للبلاد، فكما قال د. أبوالغار وأعجبت جدا بكلمته إن أحيانا الدول الصغيرة النامية تصنع المعجزات «التى سيتباهى بها أبناؤهم»، بينما ترتكب الدول الكبرى خطايا متكررة «سوف يخجل منها أبناؤهم».
لكن تكرار الخطأ بنفس الآلية يجعلنا نبحث عن مسمى جديد له فلم يعد خطأ، والخطأ فى 30 يونيو تجاوز كل الخطوط الحمراء. فنجده لأول مرة ينعكس على شكل المظاهرات ولغتها فتتحول إلى شعارات وكلمات وهتافات باللغة الإنجليزية، والمظاهرات تتحول ليلا من قبل مؤيدى المعزول حتى يتناسب التوقيت مع الغرب.
مؤيدو المعزول يتحدثون الإنجليزية على مناصتهم لأنهم يدركون أن الملاذ الأخير لهم هو الولايات المتحدة الأمريكية. وأصحاب 30 يونيو يتحدثون الإنجليزية ويعقدون مؤتمرات عالمية لتوضيح التشويه الغربى المتعمد لثورة 30 يونيو فى مرحلة الأمل لدى الغرب أن يرجع لهم حلفاؤهم الساقطون المعزولون.
تكرار الخطأ وفداحته جعل بعض القوى السياسية وحتى الأراء البسيطة لبعض المثقفين فى الشارع المصرى تفقد ثقتها نهائيا فى هذه الإدارة الأمريكية، ولا تأمل فى أن تتغير سياستها مهما أثبتت لهم الشعوب عبر ثوراتهم المتكررة أن سياستهم خاطئة، ويحاولون البحث عن قوى عظمى جديدة أذكى، وكانت حليفا من قبل مثل روسيا أو قوى أخرى جديدة مثل الصين.
تكرار الخطأ وفداحته التى وصلت للتهديد بمجرد التفكير فى تعليق المعونة العسكرية فجرت ثورة جديدة إيجابية فى عقول وقلوب المصريين الذين هرولوا لفتح حساب بنكى بتاريخ ثورتهم 306306 لاستقبال تبرعات المصريين من أجل دعم قواتهم المسلحة واقتصادهم المصرى بل أقبل عليه أيضا كثير من العرب ليصبح هذا الحساب أو صندوق الدعم المصرى درسا للولايات المتحدة. أننا لن نسمح لها بالتدخل فى شؤوننا أو لى ذراع إرادتنا، ودرس لأنفسنا بأن أبناء مصر مستعدون للتضحية بأموالهم وأنفسهم من أجل حرية مصر ورفعتها وعدم إذلالها.
وها هى تغير فى مواقفها تدريجيا عندما تأكدت أن الرابح هو الشعب، فمتى ستفهم الإدارة الأمريكية الدرس لنفسها؟ فإذا لم تتعامل مع مصر بموقع الشريك القوى وليس التابع فالخاسر هى أمريكا فقط لا غير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة