كنت من الذين ذاقوا العذاب يوم الاثنين الماضى على طريق مصر إسكندرية الزراعى، بسبب قيام مسيرة لجماعة الإخوان بقطع الطريق، نزلت من مقر عملى الساعة الخامسة قبل الإفطار، فوصلت إلى منزلى فى طوخ قليوبية الساعة العاشرة والنصف مساء.
هل كان الناس سعداء بذلك؟، هل تعاطفوا مع المتظاهرين؟، هل لمسوا لهم العذر؟
هل وصلت رسالة المتظاهرين بشكلها الصحيح إلى الناس؟، أسئلة من المفروض أن تبحث جماعة الإخوان عن إجابة صحيحة لها، ستكون الجماعة واهمة، لو فكرت أن هذا الأسلوب سيؤدى إلى النتيجة التى تسعى إليها، فى المظاهرات التى تقوم بها تأتى مواجهتها من عموم المصريين، هذا هو التحول الكبير الذى لا تصدقه الجماعة، لا تقرأه على نحو أنها تفقد الوعاء الشعبى الذى كان حاميا لها من قبل، كانت أصوات هذا الوعاء تذهب إليها فى الانتخابات، لأنهم فى نظرهم ضحايا سلطة تطاردهم فى كل وقت، الأمر لم يعد كذلك الآن.
الجماعة لا تقرأ هذا التحول، إما لأنها فقدت الحساسية، أو لأن قيادتها خائفة من قواعدها. فى رحلة يوم الاثنين الصعبة، تركت السيارة وقمت بالسير على الطريق بين صفوف السيارات، فعلت ذلك كسرا لحالة الزهق من البقاء فى السيارة، فعل غيرى نفس التصرف، تعامل الكل على أنهم فى محنة تجمعهم، وقت أذان المغرب أخرج من معه زجاجة ماء أو حبة بلح أو عصير، ليعطيها لمن ليس معه: «اتفضل إجرح صيامك»، تصرف طبيعى ومعتاد من المصريين.
السير بين السيارات كان يتم وسط سؤال يطرحه المعذبون على الطريق: هو إيه اللى حصل؟، فتأتى الإجابة : «أصل الإخوان كانوا قاطعين الطريق علشان مرسى»، يرتفع الغضب، تنهال الدعوات على الإخوان ومرسى، فهل تحقق الجماعة بذلك ربحا؟، هل تجذب الجماهير إليها؟، هل تصدق أن الجماهير توجد فى الميادين بالفعل تأييدا لها؟، من يستمع إلى قادة الجماعة وهم يتحدثون عن أن الملايين تتظاهر فى الشارع تأييدا لمرسى، يتأكد أنهم فى غيبوبة كاملة، فالمظاهرة التى تخرج وقوامها ألف شخص مثلا، تنتهى بنفس العدد، لا أحد ينضم إليهم، تتعجب من هذا الكذب الذى يأتى على لسان محمد البلتاجى، وهو يقول على شاشة الجزيرة، أن مظاهرة قامت فى شبرا مساء الثلاثاء قوامها مئات الآلاف، ينظر أهل شبرا حولهم فلا يجدون حقيقة لذلك، تحدث البلتاجى عما أسماه بـ«الهولوكست»، كما تحدث غيره عما أسماه بالتطهير الدموى الذى يتم ضد الإخوان، هم يريدون الاستمرار فى دور الضحية.
كان المشهد على طريق مصر إسكندرية الزراعى، يماثله مشاهد أخرى فى شوارع القاهرة، وفى سيناء تسيل دماء ضباط وجنود من الجيش على أثر هجمات بربرية على كمائن يقف فيها هؤلاء الجنود لتأدية الخدمة.
حاصل جمع هذه المشاهد لا تربح منه الجماعة، وفى تقديرى أنها ستكون زادا كبيرا فى التلبية للدعوة التى أطلقها الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع بنزول الشعب المصرى للشارع، حتى يحصل على تفويض لمواجهة الإرهاب، وعلق قادة الجماعة بأن تلك دعوة لحرب أهلية. تلك واحدة من القراءات الخاطئة أيضا، لأنها تغفل حقيقة.. وهى أن من يصنع الإرهاب هو جماعة الإخوان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة