سوف تفشل الحرب الأهلية، لأن المصريين ضد العنف. وقد استحلى أعضاء جماعة الإخوان قصة التهديد، وعادوا سيرتهم، وكلما شعروا بتعاطف أو بعض القوة يفترون.. هاجموا التحرير بالسلاح، ويخزنون الأسلحة فى رابعة والنهضة، ويصنعون غرف تعذيب، فكرة الميليشيا لديهم عقيدة، ولديهم سلاح وجماعات ردع، وعقيدة تعتبر كل من يختلف معهم عدوا.
مظاهرات 30 يونيو غيرت نظريات الحشد والميادين، أسقطت أسطورة أن الإخوان والإسلاميين هم من يملأون الميادين، كما أسقطت أسطورة الثوريين المحترفين من نشطاء وخبراء ووكلاء، هم من يدفعون الناس للنزول أو التراجع. تراجعت صورة المحترفين، ليظهر المواطن العادى واحدا من ملايين تخرج وتتساند على بعضها، بعد أن اكتشفت بسرعة زيف النخبة السياسية التقليدية، بل زيف الثوريين من محترفى الكلام المجعلص والنظريات المستوردة. والحقيقة أننا لدينا عدد من المنظرين، كل ما قدموه منذ 25 يناير وما بعدها هو الحيرة، حيروا الشعب وقسموه، لثوار وكنبة ومصطبة، ولم يشيروا على الشعب «توههوه وفشحطوه»، بعضهم حصل على مهنة الوكيل الحصرى للثورة، لمجرد أن موبايلاتهم مفتوحة، وحصلوا على أولوية الصحيان بدرى، والبقاء لأطول فترة فى الفضائيات، ولم يكن لأى منهم أى خبرة بثورات سمعوا عنها أو قرأوا عنها، ولكن عندما يتكلم الواحد منهم يقول «الثورات ليست كذلك»، طيب إزاى ياعم الثورى؟، «ينجضع ويتفشحط» وتنتابه حالة من الانهماك الخبراتى الحازمى، ويحكى ويلف ويدور عن رومانيا وبلغاريا. يردد ماقرأه أو سمعه أو التقطه من فيس أو تويتر. وطبعا سوف يقرأ مصفقوه ويصفقون عن إمكاناته وخبراته وتوقعاته، فيزداد «افشنحاطاً وازبهلالاً» بقدراته الثورية، ونشكر جوجل الذى صنع خبراء ثورات أكثر من الثورات، لم يقدم أيهم نصيحة عن الثورة كيف تبنى أو تناور، والنتيجة أنهم لبسوا الناس فى الحيط.
أما مناسبة اصطحاب هؤلاء المنظرين من خبراء الثورات، فهو ما يجرى اليوم فى مصر، حيث الشعب العادى يخرج للمظاهرات، ويعلن عن رأيه ضد العنف والحرب الأهلية، ليسوا ضد التظاهر السلمى لكنهم ضد قطع الطرقات والمزايدة بالصلوات.. المصرى يعرف أن ما يجرى فى رابعة والنهضة يتجاوز التظاهر والاعتصام إلى السلاح والتعذيب والتخطيط، وهو ليس بعيداً عن هجمات سيناء، وتفجيرات المنصورة، وقناصة المنيل والجيزة.
المواطن العادى فقد الثقة فى الجماعة ومشتملاتها، وفى النخبة وملحقاتها، يثق فى الجيش، ويصدق دعوة السيسى، ولا يعتبرها حربا، بل يعتبرها مانعا للحرب.
سوف ينزل المواطن العادى وهو لا يكره الإخوانى، لكنه ضد جماعة جشعة وطامعة وتضحى بالأبرياء، سيخرج ليمنع الحرب الأهلية، ويواجه أكاذيب الأحلام والمنامات والخرافات.. الشعب هو من تحرك فى 30 يونيو، واليوم، بينما السادة المنظرون من خبراء الثورات الرومانى، يمسكون العصا من المنتصف، ويواصلون كلامهم غير المفهوم، وبياناتهم الغامضة، لأنهم يربحون من الحيرة، مثلما يكسب الإرهاب من الفوضى.