إنهم لا يتركون فرصة من دون أن يقدموا برهانا على فشلهم، وخلال أقل من يوم خرج بعض رجالات الدكتور مرسى يتحدثون، لكنهم من حيث يريدون الدفاع عن نظام مرسى والإخوان، يقدمون الدليل تلو الآخر على أنهم فاشلون، ولا توجد أى فرصة ليكونوا ناجحين. ناهيك عن أنهم يحاولون التبرير، فيقعون فى العك. نقصد رجال النظام السابق، ومنهم الدكتور هشام قنديل، رئيس الحكومة السابق، والدكتور محمد سليم العوا، أحد مستشارى المطبخ الرئاسى، كلاهما ورد اسمه فى وساطات اللحظات الأخيرة مع الدكتور مرسى. فقد فهمنا أن وزير الدفاع قدم عدة مبادرات للحل والحوار، وأنها كلها تم رفضها من جماعة الإخوان، وبالتالى من الدكتور مرسى.
وقد قدم الفريق أول السيسى روايته وخرج من وردت أسماؤهم ليتحدثوا، وتصورنا أنهم سوف ينفون أو يوضحون فوجدناهم جميعا يؤكدون أن مبادرات طرحت، وأنها تم رفضها، وأن الدكتور مرسى لم يكن الرئيس، إنما الجماعة ومرشدها، وفى التفاصيل نجد خلافات فى المواقيت أو الأماكن، والتقديم والتأخير. وكل من هؤلاء خرج ليضع نفسه فى جملة مفيدة، بينما هو فى الأصل غير مفيد، وأن جميع المعاونين والعاملين كانوا مجرد ديكور لمكتب الإرشاد الذى كان غير ذى صفة، ويتحكم فى كل قرارات مرسى، ويا ليته كان يعى أو يفهم، إنما يضم جماعة من الفاشلين، أعضاء تنظيم سرى عتيق لم يستوعبوا تطورات العصر، وتحولات السلطة.
والخلاصة مما جرى أنه كانت هناك مبادرات، وأنها تم رفضها، ومن شاهد كلمة الدكتور هشام قنديل فى الفضائيات يكتشف أنه أمام رئيس حكومة لم يكن يعرف شيئا، ولا يبدو أن لديه أى نوع من المعلومات عما جرى، وما يجرى، فهو لم ينف المبادرة لكنه لف ودار حول تفاصيل هامشية.
قنديل جاء من أجل أن يدافع عن مرسى ونظامه، لكنه فى الحقيقة لم يقدم تبريرا واحدا يمكن من خلاله البحث عن عذر للنظام، أو مبرر، بل إنه يثبت ويؤكد أنه لم تكن هناك أى مساحة أو ثقب للنجاح، فهو يريد أن يبرر الفشل ويدافع، لكنه يضيف المزيد من الفشل.
ومثل قنديل كان الدكتور العوا الذى حكى هو الآخر قصة لم ينف فيها أنه كانت هناك مبادرات ومحاولات لإنقاذ الموقف، وأنها تم رفضها من المرشد والجماعة.
الأهم أن قنديل والعوا قدما مبادرات بعد فوات الأوان، ولم يتطرق أى منهما لأخطاء كانت وما تزال، هما يبحثان عن مخرج للجماعة، دون أن يبحثا عن طريق يوقف الإخوان عن التضحية بالأبرياء من أجل أنفسهم ومصالحهم.
خلاصة ذلك كله أننا أمام حكم ونظام لم يكن يعرف شيئا، ليس فقط فاشلا، إنما أيضا غبى، عاجز، وأن عواجيز مكتب الإرشاد كانوا طوال الوقت يمارسون تسلطا لا يجيدونه، وأنهم غرقوا وأغرقوا معهم مرسى، وأن كبار مستشاريه الرسميين وغير الرسميين كانوا يتصرفون على طريقة الاجتماع السرى المسرب الشهير.. والمثير أن بعضهم كانت تتلبسه حالة من الغرور تصور له أنه يعرف، وهو لا يعرف، لنكتشف أننا كنا فى مهب نظام حكم يجمع الأغبياء مع الحمقى والمغفلين.