أثار بيان القوات المسلحة كثيرا من الترحاب الشعبى ومن الجدل بين الشباب، وحيرة لاحدود لها بين الإخوان وحلفائهم، ولكن مراجعة البيان تقتضى أن نتوقف أمام بعض العبارات المهمة مثل: «كطرف رئيسى فى المعادلة السياسية» وتفسيرها بعبارة: «لن نكون طرفا فى دائرة السياسة والحكم»، ويعطى البيان الجميع 48 ساعة للوصول إلى «خارطة مستقبل بمشاركة جميع الأطياف، وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطراف والاتجاهات الوطنية المخلصة».
هذة المكونات الأساسية للبيان، تقدم إعلان نوايا أكثر منها إعلانا سياسيا، الأمر الذى يذكرنا ببيانات القوات المسلحة من الأول وحتى الثالث عشية تنحى الرئيس مبارك من العاشر وحتى الحادى عشر من فبراير، بعد الاحتقان الذى شهدته مصر ستة عشر يوما من ثورة المصريين فى 25 يناير، أصدرت القوات المسلحة البيان الأول فى العاشر من فبراير2011 كان نصه: «انطلاقا من مسؤولية القوات المسلحة والتزاما بحماية الشعب ورعاية مصالحه وأمنه، وحرصا على سلامة الوطن والمواطنين ومكتسبات شعب مصر العظيم وممتلكاته، وتأكيدا وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة.. انعقد اليوم الخميس الموافق العاشر من فبراير 2011 المجلس الأعلى للقوات المسلحة لبحث تطورات الموقف حتى تاريخه»، وقرر المجلس الاستمرار فى الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات وتدابير للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر العظيم».
إلا أن الميدان حينذاك رحب ترحيبا حذرا بالبيان، واستمر المعتصمون فى اعتصامهم، فأصدرت القوات المسلحة البيان الثانى الذى أكثر وضوحا جاء فيه: إنهاء حالة الطوارئ، والفصل فى الطعون الانتخابية «انتخابات 2010، وإجراء تعديلات تشريعية، وإجراء انتخابات رئاسية حرة فى ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية إلخ، واستمر ضغط القوى الوطنية حتى تنحى مبارك، وصدر البيان الثالث للقوات المسلحة فى الحادى عشر من فبراير، ولمزيد من التذكرة جاء فيه: «إن المجلس ليس بديلا عن الشرعية التى يرتضيها الشعب.
إعادة ذكر التدرج البياناتى للقوات المسلحة يعكس كيفية فهم تحليل بيانات القوات المسلحة، فهناك مجموعة من المعايير لن تحيد عنها المؤسسة العسكرية أبدا وهى: احترام إرادة الشعب، أن القوات المسلحة ليست بديلا عن الشرعية، وأن القوات المسلحة لن تناصر طرفا على آخر، إلا أن الجديد فى بيان 1 يوليو: مهلة الـ48 ساعة التى أعطاها الجيش لجميع الأطراف، وتقاطع هذه المهلة مع مهلة تمرد التى أعطتها لمرسى حتى 2 يوليو للتنحى، وتتواكب هذه المهلة مع الخطورة الحقيقية على الأمن القومى المصرى حيث ضبطت كمائن الشرطة والقوات المسلحة منذ 29 يونيو وحتى 1يوليو 32سيارة محملة بالأسلحة فى 7محافظات، و112متهما، والاغتيالات المتكررة للعميد محمد هانى، و19 شهيدا من إطلاق رصاص حى فى الدقهلية والإسكندرية وأسيوط والمقطم، وغيرها، ناهيك عن الخطط المعلنة من السلفية الجهادية بالانفصال بسيناء، لذلك فمن المحتمل أن تحاول جماعات الإسلام السياسى الانقلاب على القوات المسلحة «يلاحظ أن المعتصمين فى رابعة العدوية هتفوا بعد البيان: ضد الجيش، الأمر الذى سوف تتصدى له قطاعات من حمائم الإخوان مما سوف يؤدى إلى انقسامات داخل الإخوان والجماعة الإسلامية». على الجانب الآخر رحبت أغلبية المعارضة المصرية بالبيان الأمر الذى قد يؤدى إلى انقسام آخر مع بعض الأطراف الشبابية، لكن فى كل الأحوال سوف يعظم كل طرف من مقدراته على الأرض، الإسلام السياسى بالتهديد بالعنف وممارسته حتى يخيف الجميع «أنا أو الفوضى»، وتمرد سوف تستمر فى اعتصاماتها كنوع من المكسب على الأرض، سوف يحدث ذلك وسط مناخ أمريكى غربى ليس بعيدا عن المشهد.