بعد أن تهدمت جسور السياسة، وتشققت جدران النظام وهوى. خرج علينا عدد من الممثلين السياسيين يمثلون الجماعة، وعلى الشعب، يحللون ويشجبون ويتهمون ويعترضون. وهم طوال عام شاركوا فى سحق القانون وإهانة السياسة، رهانا على ذاكرة ضعيفة، ولم يدركوا أن الدنيا صغيرة، وكل شىء انكشفن وبان. شاركوا فى كل مصيبة، وبرروا كل كارثة، وساهموا فى صناعة الأزمات والأكاذيب، وهاهم يسعون لإنقاذ نظام، يعرفون أنهم ساهموا فى إغراقه. ولا نظن الشعب يصدقهم، بعد أن وقفوا عرايا من الحق.
من هؤلاء المستشار أحمد مكى وشقيقه المستشار محمود مكى، اللذان كانا ضمن تيار الاستقلال أيام مبارك ساندهم الشعب والإعلام، حتى إذا ظهرت السلطة فعلوا كل ما كانوا ضده، أحمد مكى شارك فى دعم الإعلان الديكتاتورى، بداية شق الصف وصنع التسلط. وحولوا تمثيلية تغيير النائب العام من قضية استقلال إلى انتقام، وساهموا فى الدوس على القانون وكأنها حرب مع شخص. ثم قدموا نائبا عاما خصوصيا أطاح بما تبقى من هيبة. ورأينا بطلى استقلال القضاء السابقين صناعاً للعدوان على القضاء، استقالا بعد أن تم استخدامهما، تم إلغاء موقع النائب من الدستور الملاكى. وأحمد مكى بعد أن أهين القانون والقضاء، وهاهو الآن يطل برأسه، ليلعب دوراً مطلوباً مثل باقى فريق الممثلين. فهل يصدقه أحد؟
ومثله المستشار حسام الغريانى، الذى تولى المجلس الأعلى للقضاء ثم ترأس الجمعية التأسيسية، ليساهم ويدعم صناعة دستور طائفى فرق الوطن وشق الصف، وبالتعليمات طبخ بليل أسوا الدساتير، بلا استماع لضمير أو صوت عقل. ثم ارتضى أن يتولى مجلس حقوق الإنسان وحوله إلى مخزن، أسوأ كثيراً مما كأنه أيام مبارك، لم يصدر تقرير محترم فى مواجهة جرائم قتل المواطنين أمام الاتحادية والإرشاد، وتحول إلى أداة لتمثيل القمع والتربح لرجال الجماعة مثل باقى مؤسسات الدولة.
وكان الغريانى أداة للجماعة والاستبداد، مع غيره من مستشارين ومحامين وجبهات ضمير بلا ضمير، ومثلهم كان المستشار محمود الخضيرى الذى يخرج اليوم بعد خراب مالطة ليدعى الحكمة والشجاعة، وهو الذى صمت أمام كل الانتهاكات مثله مثل الأخوين مكى والغريانى، ومثلهما بدرجة مختلفة كان المستشار زكريا عبدالعزيز الذى كان يبرر ويفسر، وتحول قضاة الاستقلال إلى دعاة استهبال وتسلط مع السلطة. بينما بقى واحد من تيار الاستقلال متمسكاً بالقانون، وكان يمكن أن يسير فى الهوجة ويعود ليتولى منصب بدلاً من الاغتراب فى الخارج، إنه المستشار هشام البسطويسى الذى ظل على الانحياز للحق، ليكشف الفرق بين الحق والباطل، وما يكشف الفرق بين عبيد السلطة ورجال الحق.
أما المناسبة لكل هذا، فهى التأكيد على أن ذاكرة الناس لم تصدأ بسرعة، وقد خرج علينا بعض هؤلاء الممثلين ليتحدثوا عن ديمقراطية كانوا أول من سحقها، وقانون كانوا أشد أعدائه.. يتحدثون ويدعون ولا أحد يصدقهم لأنهم كانوا ومازالوا يكذبون مثل باقى قراداتية النظام ممن صمتوا عن قول الحق وساهموا بجشعهم وطمعهم فى هدم نظام، ويخرجون اليوم ليدعوا أنهم مصلحون.. وهم المفسدون. ومازالوا يمثلون.