قال الفيلسوف الألمانى العظيم فريدريك هيجل: «إياكم ومكر التاريخ، ودهاء العقل»، وأعتقد أن هذا التحذير الواضح والجلى يطول كل من ينتهج العمل السياسى حاليا، خاصة أن التاريخ لن يتوقف عن السير مسجلا كل موقف وقرار اتخذه حاكم أو سياسى أو عالم، وأيضا العقل الذى لن يتوقف عن العمل فى الواقع الموضوعى وفهمه وتحليله واستنباط الحقائق وفرز الغث من السمين.
وما يحدث الآن فى مصر من أحداث خطيرة كشف حقائق مذهلة، وأظهر بوضوح انتماءات أشخاص لجماعات وتيارات بعينها، بعدما كنا نعتقد أنهم مستقلون، وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوى والدكتور سليم العوا والدكتور طارق البشرى والكاتب فهمى هويدى، حيث ظهر انتماؤهم لجماعة الإخوان المسلمين، وبدت انحيازاتهم واضحة بعد ثورة 30 يونيو، وتوقفوا عن العمل فى تحليل الواقع السياسى والاجتماعى الموضوعى المتجرد من الهوى، وقاموا بتفعيل المشاعر الشخصية تجاه فصيل الإخوان فبنوا مواقفهم حسب اتجاه عاطفتهم وليس بناء على قواعد العقل وتغليب المصلحة العليا للوطن.
الشيخ القرضاوى أطلق العنان لمشاعره الفياضة تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وشن حربا ضروسا ضد ثورة الشعب 30 يونيو، وضد الأمن القومى المصرى، وطالب بتدخل دولى فى الشأن الداخلى، وهو ما يعد خيانة للوطن، وأصدر فتاوى تفصيل من عينة الخروج على الحاكم محمد مرسى حرام شرعا فى حين أفتى بجواز الخروج على الحكام حسنى مبارك وبشار الأسد والقذافى وعلى عبدالله صالح، وكأن الشريعة تحض على سياسة الكيل بمكيالين، ولى عنق العقيدة دون وجه حق وفى عملية مفضوحة، تضعه فى بؤرة مكر التاريخ، مسطرا صفحات سوداء لتاريخه يقرأها جيل بعد جيل.
القرضاوى والعوا وهويدى والبشرى وبديع ومرسى والشاطر والبلتاجى والعريان وأتباعهم لم يدركوا مكر التاريخ، وكيده، فهم الحالمون بالحكم وتنفيذ مشروعهم الفكرى بتكوين إمبراطورية ممتدة وعظيمة، ولا يهم فى سبيل تحقيق ذلك أن يكيدوا للشعب المصرى كيدا، ولكن التاريخ كاد لهم كيدا آخر، وكان لهم بالمرصاد، وسطر لهم كل ما يندى له الجبين.
العوا والبشرى وهويدى كنا ننظر إليهم كقامات كبرى فى الفكر والثقافة تحب الوطن وتعمل من أجله، ودائما ننهل من طرحهم ورؤاهم، وتعاطفنا معهم فى عصر مبارك، حتى وقعت ثورة 30 يونيو وبدأت تتساقط علينا الحقائق المذهلة، وتتحطم الأقنعة المزيفة، وأن سنوات النضال كانت مُسخرة لخدمة مصالح فصيل جماعة الإخوان.
الدكتور محمد سليم العوا تبين أنه المستشار السياسى والقانونى للجماعة منذ عقود طويلة وحتى الآن، وأن الإخوان تستعين به فى العمليات الفيصلية الكبرى بشكل متخفٍ، وحتى عندما كانت هناك خلافات حادة بينه وبين مرشد الجماعة السابق مأمون الهضيبى، وهى ما منعت العوا فترة من الوجود مع الجماعة، ولكن عندما توفى الهضيبى، سرعان ما تولى العوا هذا المنصب فى الجماعة ومازال به حتى الآن.
التاريخ يسرد لنا أن لكل سلطان مفتيا ومهرجا، وثورة 30 يونيو كشفت لنا أن القرضاوى والعوا وهويدى والبشرى أصحاب شركات توظيف الفتاوى الدينية والقانونية لجماعة الإخوان ورئيسهم المعزول محمد مرسى، القرضاوى يوظف الفتاوى الدينية، والعوا والبشرى منوط بهما توظيف الفتاوى القانونية، وهويدى فتاوى الفكر وقلب الحقائق، ولا عزاء لمصلحة الوطن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة