الحديث عن المصالحة الوطنية كثير، والمبادرات عديدة، ولا يوجد مواطن صالح يرفض السعى إلى مصالحة وطنية حقيقية وإنهاء أى نوع من الاستقطاب والاستبعاد السياسى. وحتى تنجح المصالحة، يفترض أن تقوم على قواعد واضحة، وتوازنات القوة على الأرض، ولا أحد يكره المبادرات والمصالحات، لكننا أمام ماسورة المبادرات التى ضربت فى الأنحاء، ويقدمها عدد ممن شاركوا فى صناعة الاستبداد والتسلط، وتسببوا بكل قوة فيما جرى من أزمات، وبالتالى لا يمكن التعامل مع مبادراتهم بحسن نية مطلق، خاصة أنهم كانوا طوال الوقت يدافعون عن خيارات النظام الفاشل وفساده، بل وبعضهم ساهم فى صناعة الفساد والفشل مستشارا وترزيا، ناهيك عن عدم اعترافهم بالثورة والشعب الذى خرج بالملايين فى مواجهة مرسى والإخوان، مثلما خرج فى مواجهة مبارك والحزب الوطنى.. لكن الجماعة ومشتملاتها عاشوا حالة إنكار ترفض الاعتراف بالواقع والملايين والشعب، ومازالوا فى مبادراتهم يسعون فقط لحماية نظام هم متورطون معه، أو مشاركون فيه.
رجال نظام الإخوان من مستشارين وسياسيين وتابعين ساهموا بنصيب وافر فى بناء استبداد نظام مرسى، وتدعيم جماعة الإخوان، ودافعوا عن غموض وضع الجماعة، ومكتب إرشادها، ولم يضايقهم أن تحكم مصر من تنظيم دولى مجهول. كما أنهم دافعوا عن القوانين المستبدة، والسياسات الفاشلة، وزرع تابعيهم فى كل ركن.. دافعوا عن الاستبداد والفشل، واليوم يقدمون مبادرات يزعمون بها أنهم يبغون الإصلاح، بينما هم كانوا بسوابقهم يدعمون نظام الجماعة، ويتبعونها، إما مباشرة، أو بشكل غير مباشر.
وبالتالى تخلو مبادراتهم من الاعتراف بالشعب وثورته، هم فقط يضعون اسم الثورة عنوانا لجذب المعلنين، وخلال عامين ونصف العام تمت عمليات فرز كشفت هؤلاء وغيرهم، وأظهرت الانتهازيين وعبيد السلطة، ممن يتقلبون مثل عباد الشمس. وقلنا إن العوا والأخوين مكى وفهمى ورسمى وجبهة الضمير وتوابعهم شركاء فى نظام مرسى والإخوان بطريقة أو بأخرى، وإذا جاء دورهم لتقديم مبادرات فعليهم أن يسعوا لمبادرات من أجل المستقبل، وليس من أجل الماضى، سواء كان هذا الماضى هو مرسى أو مبارك، وعليهم أن يعترفوا بما ارتكبوه من أخطاء بمشاركتهم فى صنع الاستبداد، وتفصيل القوانين بل والدساتير، وأن يعترفوا بفشل نظامهم وأخطائه الفادحة، وذلك حتى تكون هناك أرضية للحوار.
ولا يمكن لمواطن أن يرفض مبادرات للحل والخروج من الأزمة السياسية، بشرط أن تكون حقيقية وصادقة وقائمة على واقع، تراعى الوضع على الأرض، لكننا نتفرج منذ أيام على مبادرات من رجال سياسة أو إعلام أو إعلان تلوثت أيديهم بالتفصيل والتلاعب طوال عامين ونصف العام، شاركوا فى جرائم سياسية ودستورية، وساهموا فى صناعة الحيرة والأزمة السياسية، فعلوا هذا قصدا أو بلا ترصد، وانتهت نتائج أعمالهم إلى فوضى سياسية لم تربح منها جماعتهم، وخسر فيها الشعب.
لا مانع من المصالحة بشرط ألا تتم بطريقة خياطة الجروح على الصديد، وهى مصالحة لا يقوم بها الانتهازيون وصناع الاستبداد القريب أو البعيد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة