افرح، ولا تجعل أحدا «يشوشر» عليك فرحتك.. ما تراه أمام عينك حقيقة وواقع، أنت من فعلت كل هذا، أنت الذى ثرت، وأنت الذى انتصرت، وأنت الذى لم تخضع ولم تنخدع، وفطرتك الصافية النقية لم تبتلع الزيف المقنع فى ثياب الغش والبهتان، لا تدع أحدا يقلل من انتصارك، ولا تسمح لتجار الشفقة بأن يغرروا بك، فلو قلنا إن ما يحدث اليوم انقلاب عسكرى، فهذا معناه أن ما حدث فى فبراير 2011 كان انقلابا عسكريا، فما رأيناه منذ اندلاع ثورة 30 يونيو لا يختلف أبدا عما حدث فى 25 يناير، ففى الحالتين ثار الشعب، واستجاب الجيش، غير أن نافخى الكير لا يرون الحق حقا إلا إذا كان معهم، ولا يرون الظلم ظلما إذا كانوا هم الظالمين.
لا تظن أن ثورتك السلمية قادرة على تغيير الحكم، هى فقط قادرة على إعلان وفاته إكلينيكيا، وتبقى مهمة نزع وصلات آلات الإعاشة للقوة الصلبة.. الثورة السلمية قادرة على أن تقول للعالم إن الشعوب غير راضية عن حكامها، وإن بقاء الحاكم يعد اغتصابا، قادرة على أن تجبر الجميع على أن يتضامنوا معها، تقول للعالم إن الإنسانية تنتهك، وإن الديمقراطية تنتحر، وإن القانون يدهس، وهو ما حدث فى ثورتنا، فقد أعلنت جموع المصريين وفاة حكم المرشد إكلينيكيا، ونزع جيش مصر العظيم أجهزة الإعاشة عن تلك العصابة التى كانت تحكم مصر.
لو لم يكونوا عصابة لما بادروا بالهروب من مصر حينما شعروا بأن سفينتهم تغرق، وأتذكر الآن مقولة الشاعر الأكبر صلاح عبد الصبور حينما قال إن الفئران هى أول من يبادر بالقفز من السفينة، بينما يقف المخلصون المؤمنون بقضيتهم يقرعون الأجراس، وينزحون المياه المخترقة سفينتهم حتى تسلم السفينة، أو يغرقوا معها، لكنهم لم يكونوا سوى هاربين، تركوا أبناءهم فى الشوارع يحاربون القدر وخططوا للهروب، فإلى ليبيا كان المرشد يعتزم الرحيل، وإلى الأردن كان كل من عصام العريان وعصام سلطان، بينما اختبأ بقية من يسمونهم قيادات فى جحور الخسة، ولم يقفوا بشرف يجودون بدمهم وأرواحهم مثلما كانوا يقولون لأبنائهم، بل هربوا وجبنوا واختبأوا خائفين مذعورين خائنين.
لا تجعل مقولات الاستعطاف التى يطلقها «يتامى الجماعة» تنال من نقائك الفطرى، ولا تدع مبادئك الشريفة عن الحرية والديمقراطية أداة لإفساد نشوة انتصارك، فما حدث اليوم هو أكبر انتصار للحرية والديمقراطية، فإغلاق قنوات التحريض على القتل أكبر انتصار للحرية، واعتقال حاملى السلاح ومشتريه من أنصار الجماعة وقياداتها هو أكبر انتصار للديمقراطية، ولك أن تعرف أن جميع دساتير العالم، بما فيها ذلك الدستور الإخوانى البغيض، تؤكد دوما أن السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ومادام عشرات الملايين من أبناء الشعب المصرى فى الشوارع الآن فرحين بانتصارهم وإنجازهم بزوال حكم الإخوان، فلا صوت يعلو فوق صوت الشعب.
أعلم أنه لو كنا تركنا الأمر لمرسى لظل فى الحكم مثل بشار وأكثر، ولكن بمزيد من الدماء المغلفة برداء الدين، فلديه جماعة غير قانونية تحظى بتمويل غير معلوم وغير محدود، ولديه ميليشيات سرية يتم تدريبها دوما على حمل السلاح وانتهاج العنف، ولديه متطرفون يدعمونه بخطاب تبريرى متمسح فى الدين، يفسرون آيات الله وفق أهوائهم، ويفصلون الأحكام بحسب أغراضهم، فمرة تصبح القروض حلالا، ومرة تصبح حراما، وهذا ما كان سيطيل عمر الصراع بين أطياف الشعب الذى انتهج السلمية، وكاد أن يفرط فيها بعدما رأى تجبر مرسى، وعنف جماعته.
افرح وانتش وغن واستعد لبناء مصر من جديد، واعلم تماما أنه لولا هذا الشعب الساهر فى الميادين لما حدث شىء، واعلم أيضا أن مصر أكبر من كل من يظن أنه قادر على الاستبداد بها، وقل الحمد لله الذى خلقنا مصريين.