كمال حبيب

مستقبل جماعة الإخوان المسلمين (1-2)

الإثنين، 08 يوليو 2013 06:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقف جماعة الإخوان اليوم على مفرق طريق، فهى تواجه امتحان الخروج عليها من جانب الجماهير والجيش معا فى 30 يونيو، وبدا تنظيم الجماعة صامتا طوال فترة حكم رئيسه التى استمرت عاماً وبضعة أيام، بينما دبت فيه الحياة بعد عزل الرئيس. وهنا أتساءل هل تنظيم الجماعة متخصص فى عمليات الحشد والتعبئة والمواجهة مع النظم السياسية المختلفة التى حكمت مصر أكثر من تخصصه فى الإدارة والحكم والسياسة والتدبير؟ هل لأن الجماعة ظلت منذ تحولها إلى السياسة عام 1938 دخلت فى مواجهات مع النظام الليبرالى الملكى ثم دخلت فى مواجهة أخرى كبيرة مع عبدالناصر الذى كان أحد أعضائها عامى 1954 ثم 1965، ثم دخلت فى مواجهة مع نظام السادات فى أواخر عهده ودخلت بالطبع فى مواجهة مع نظام مبارك، وأخيراً تواجه الجيش والشعب معا بعد 30 يونيو، هل ذلك منحها طبيعة مواجهة تصلب فيها وتقوى، بينما كانت رخوة ومترددة إلى حد التهافت فى الحكم؟

واجهت الجماعة محنة ممارسة العنف حين استدعته لحظاته فى أوقات الأزمات التى مرت بها البلاد ومرت بها الجماعة أيضاً، وكان لها تنظيمها الخاص الذى حاولت الجماعة نفسها التخلص من وصمته وآثاره مع مرشدها الثانى حسن الهضيبى الذى أصر كقاض على التخلص من التنظيم الخاص وتحمل فى سبيل ذلك عنتا كبيراً.

لم تمت روح التنظيم الخاص تماماً فقد استطاع المنتسبون إليه امتلاك قرار الجماعة والتأثير فى توجهاتها التربوية والفكرية وهو ما جعل الاستجابة للإجلاب والمواجهة طابعاً حياً فى الجماعة، التى كان أفرادها يأتون من الريف إلى المدينة للمشاركة فى فعاليات الجماعة ذات الطابع المواجه وفق التزامهم بروح الجندية تجاه قادتهم والتزام السمع والطاعة، التعود على المواجهة والإجلاب وفق طبيعة التربية والممارسة مع النظم المختلفة جعل الفعل الصاخب الذى يستدعى المواجهة والمفارقة هو الأغلب فى مهارات الجماعة ومثل ذلك تحدياً للنظم السياسية المختلفة. ولأن الحكم والسياسة والتدبير يستدعى مهارات وثقافة مختلفة تقوم على المشاركة والحوار وقبول الآخر والتمييز بين ما هو عقدى وما هو مجتمعى سياسى بمعنى التمييز بين قيادة التنظيم والدولة والمجتمع ففى التنظيم يتم شد جميع أعضائه على قالب واحد ومقاس واحد ربما يميت أو يقلص روح المبادرة الفردية والروح الخلاقة والتفكير بشجاعة خارج الصناديق، بينما هذه الصفات ذاتها هى المطلوبة فى مرحلة الحكم والسياسة والتدبير والإدارة. جاء الإخوان إلى الحكم ومعهم تقاليد تنظيم صارمة مرهقة تصلح للمواجهة والمعارضة، بينما شروط الحكم لم يتعودوا عليها، ففى السياسة فن الممكن هو الأساس، وفى السياسة تغليب مصالح العباد وتقلبهم فى المعاش، وفى السياسة التوفيق والوصول لحلول وسط.

كان التنظيم يعامل خصومه بالاستعلاء والاستغناء، وكان يقول إن الدعوة تنفى خبثها، فخسر بذلك عقولاً كبيرة وخصوما مؤثرين، ولو أن التنظيم تعلم التواضع وعرف أن الاستغناء بالنفس هى بداوة وفقر وكبر، بينما الاعتراف بالحاجة للآخرين هى تحضر وتواضع وثقة بالنفس والناس، دخل التنظيم وحزبه الذى كان فرعاً فى الحقيقة من التنظيم ولم يكن مفارقاً له – السياسة بنفس هذه الروح، والسياسة فى جوهرها مدنية، والمدنى هنا يعنى عند فلاسفة الإسلام جميعاً «عدم الاستقلال بكل حاجات النفس والحياة التى يحتاجها الإنسان»، وكذلك التنظيم والمؤسسات والجماعات، والأحزاب، ومن ثم فروح الفقر والبداوة أفقدت الجماعة وحزبها معنى القدرة على الشعور بالحاجة للآخرين، ومن ثم مشاركتهم معهم وعدم استئثارهم بكل شىء. كل هذه خطوط عامة بحاجة إلى مراجعة من الجماعة فى تلك اللحظة العصيبة، لتعرف أين ستضع قدمها فى الأيام والأسابيع القادمة، مستقبل جماعة الإخوان المسلمين ليس مرهونا بها وحدها ولكنه يهمنا جميعا كمصريين فكيف سيكون المستقبل؟








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة