علا عمر

مكالمة هاتفية فى السادسة صباحاَ

الإثنين، 08 يوليو 2013 09:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رنّ جرس التليفون فى الصباح الباكر جداً كانت الساعة السادسة والنصف بالنسبة لى باكر جداً، لا أستيقظ فى هذا الوقت إلا لو باقية من يوم قبله لعمل ضرورى فى الصباح الباكر، أو مقابلات السفارات المملة الغير إنسانية، أو باقية مستيقظة لأى سبب، وغالباً ينتهى بالذهاب للجرى، أو السباحة باكراً جدا حيث لا يوجد بشر من بواقى الليل، كان صوت اختلط مع صوت العصافير على الشجرة القابعة بالقرب من البلكونة، ولكنه صوت دافئ مطمئن؛ كانت أمى: أنتى نائمة ليه لغاية الآن، أنا: زى باقى الناس عشان ده وقت نوم، أمى: مش قلت لك ماتقوليش (زى) دى تانى عشان اللى بيقول زى دى ما بينفعش، أنا: حاضر المرة الجاية، استمرت أمى فى الحديث طويل وأنا يغالبنى النوم مركزة فى عدم سقوط السماعة.

أمى: قومى شوفى عندك إيه متأخر والحقى إعمليه، أنا: (مافيش عندى شغل بدرى النهارده)، أمى: أكيد النهار فيه حاجات مفيدة كثيرة نعملها، هذا آخر ما تذكرته من المكالمة الصباحية الغير معتادة، كنت أتمنى أن تنتهى بسرعة لأستكمل نومى، ولكن تركت حالة من القلق جعلتنى بصحبة كوب من القهوة بعد ذلك، ذهبت إلى سيارتى الزرقاء، أعمل إيه دلوقتى؟، أجرى شوية، ولا المكتب، ولا أرجع البيت، الأفكار تتصارع وقررت أخيراً الذهاب إلى المكتب للطمع فى كوب آخر مجاناَ من القهوة، قررت كتابة بعض أجزاء من فيلم وثائقى، أوشك على الانتهاء، ولكن القلم فى اتجاه وعقلى فى آخر عن سر المكالمة الصباحية؟، مكالمة غير معتادة.. تستيقظ أمى دائماَ فى الصباح الباكر، اعتدت ذلك، لكن مكالمة غريبة تريد قول شىء ما بين السطور؟، تراجعت واكتفت بإيقاظى؟، لا أعلم ولكن بيننا لغة صامتة لا يعلمها غيرنا نتحدث دائماَ بالنظرات ونجاوب بالنظرات، تعودت فهمها بعض بهذه الطريقة، أمى دائماً لا تحب التحدث كثيراً، حتى فى عملها.. خطر ببالى شىء اليوم (30يونيو)، يوم النزول العظيم، هل المكالمة حث على النزول على عكس ما اعتادت تماماً كباقى الأمهات؟، طلب بطريق غير مباشر، هذا ما توقعته ومكان يجول ببالى!!، لأنها لم تسأل سؤالها المعتاد (انتى هاتنزلى برضه المظاهرات؟؟).. ويتبع السؤال عراك خفيف وأنا مش صغيرة وتنتهى المكالمة بجملة.. ما فيش فايدة)، ولكن قبل عصر 30 من يونيو ثمة أسئلة تتعارك بذهنى مع مكالمة أمى الغريبة التى كانت بمثابة رسالة طويلة من القلق والخوف وجس النبض والتوجس ما علاقة الدماء التى سالت أواخر نوفمبر 2012 فى شارع محمد محمود، والدماء التى أريقت فى حكم مبارك برصاص مجهولين؟؟، والداخلية فى ثورة يناير وبعد التنحى؟، ماذا يعنى قرض الصندوق الدولى لنا؟، أو المعونة الأمريكية والسيطرة لمن؟، ما الفرق بين رصاص قناصة مبارك ورصاص ميليشيات مرسى؟، ما شكل والفرق وماذا يقول الإعلام الحكومى مقارنة به فى عهد مبارك؟، هل من جديد بين نخبة مبارك ونخب مرسى من الصحفيين، والمفكرين، والإعلاميين؟، هذه ليست ثورة أخرى ولكن موجة ثورة جديدة الثورات لا تُخمد بمرور الوقت، ما كنا فيه وما انتفضت له ثورة يناير (عيش - حرية - كرامة إنسانية - عدالة اجتماعية)، لم يتحقق بل للأسوأ، يتشدقون بالعدالة الاجتماعية طوال الوقت فى كتاباتهم وخطبهم، ثم يكرسون الظلم الاجتماعى فى بنود الدستور والقانون والشريعة، تخلصنا من حكم فاسد مستبد لنسقط تحت حكم أسوأ منه لا يقل ظلماً وخداعاً.

الحكم الدينى سواء مسيحى أو يهودى أو إسلامى غالباً وطبقاً للحسابات التاريخية يفتك بالشعوب، يسحل الفقراء، والأطفال، ويستحل النساء بالرخص والعار ويسلبها العقل، تحت اسم الجهاد وتحت اسم أمر الله، التاريخ يكرر نفسه، ولكن غالباً تعمى عنه العقول المحجبة والعيون المغشاة، واللحى الطويلة، مبدأ السمع والطاعة يُجرم التفكير ما أحله الله فيتعفن أهم عضو (المخ) لعجزه عن العمل يقف، ويتوقف به الزمن، أتذكر ثورة 2011 كانت تستهدف نظام أفقر مصر وشعبها بالقروض والديون والقوانين العامة ونظم الخصخصة، أهدر كرامتها تحت سيطرة الاستعمار الأمريكى الإسرائيلى والأوروبى، وأخضع الشعب نساء ورجال، وأمهات للاستبداد والاستحلال واقتحام الحرمات فى أى وقت، تحت اسم (حبيب العادلى) طالب الشعب المصرى فى ثورته بنظام جديد يقولم على العدل والمساواة والكرامة للجميع، دون تفرقة على أساس النوع، أو الجنس، أو العرق، أو الدين، أو الطبقة.
نتذكر جميعاً نجاح الثورة، وسقوط النظام، واحتفل الشعب وتركنا الميادين، فانقضت على الثورة جماعات غريبة.

تلتفت لوجهها، وملبسها، والتمسك بمعتقدات تقصير الجلباب واللحية والشعر، الأسود حتى الأعلام سوداء، استبدلوا علم الهوية لا يعرفون غير السواد أما دماء الشباب التى راحت ثمناً للحرية فهى دماء شابة حمراء طازجة افتدت الوطن، الوطن أمانة وأعلم أن للأسف وُجد بيننا الكثير من مًن لا يعى الآن وبقوة، أعلم أننا نعيش احتلال، لكنها مقادير مقدرة، المسألة ليست أكثر من صراع وجود بقاء أو عدم بقاء حياة أو موت، 30/6 ليست الأخيرة وأثق فى هذا الشعب مصر، تركنا الميادين، فانقضت على الثورة جماعات غريبة، تلتفت لوجها، وملبسها، والتمسك بمعتقدات تقصير الجلباب واللحية والشعر، والشعارات والانتماء للمذاهب الرجال يغطى وجوهها شعر أسود والنساء أيضاً تُغطى باللون الأسود حتى الأعلام سوداء، استبدلوا علم الهوية لا يعرفون غير السواد اما دماء الشباب التى راحت ثمناً للحرية فهى دماء شابة حمراء طازجة افتدت الوطن، الوطن أمانة وأعلم أن للأسف وُجد بيننا الكثير من لا يعى معنى النخوة لا يعى معنى الشرف ولا الأمانة وبالتالى ليس لديه ما يعيش لأجله لأنه مضلل من تمكن الضلال من قلبه يصعب التعامل معه على أنه بشرى أو انسان، وباء يكتسح الآن وبقوة، أعلم أننا نعيش احتلال، لكن مقادير، المسالة ليست أكثر من صراع وجود بقاء أو عدم بقاء حياة أو موت.

30\6 ليست الأخيرة.. أثق فى هذا الشعب.. مصر تاريخها كله عثرات لكنها خالدة..








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة