وائل السمرى

الحقيقية والبهتان فى مسألة «شهداء الإخوان»

الخميس، 01 أغسطس 2013 04:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ وقوع مأساة المنصة، وأنا عازف عن الكتابة، فأنا من هؤلاء الناس الذين يقدسون الدم المصرى بالشكل الذى يجعلنى أعتقد أن مجرد تحليل الأوضاع فى ظل سخونة الدماء تجرؤ مذموم، لكنى فى الحقيقة ظللت طيلة هذه الأيام أتابع المشاهد التى تبثها قنوات ومواقع وصفحات الجماعة، وأقارنها بما تبثه القنوات والمواقع والصفحات التى تبثها التيارات المناهضة للجماعة، وبرغم أننى على خلاف دائم وقديم مع الجماعة، إلا أن الدماء أجبرتنى على التأمل بتجرد، وللأسف بعد تأملى للمشهد جيدا، تأكدت من كل الأشياء المؤكدة سلفا، وتيقنت من تلك الحقيقة الخالدة، وهى أن الدم المصرى رخيص، بل إنه صار أرخص.
لن أطيل عليك فى مسألة البحث عن الجانى والمجنى عليه، فهذا عمل الجهات المختصة، والقضاء وحده هو الذى سيفصل فى هذا الأمر، لكنى أدعوك إلى تأمل تلك الفيديوهات التى أذاعها الطرفان، لتعرف أن من خطط لهذه المعركة كان أكثر شيطانية من الشيطان نفسه، خاصة ذلك الفيديو الذى يستدل به البعض على أن الإخوان هم الذين يقتلون أنفسهم بأنفسهم، والذى يؤكد أن هناك رجال قناصة محترفون هم من قتلوا وسفكوا الدماء، ولن أخوض فى مسألة الجزم بأن هؤلاء القناصة ينتمون إلى هذا الطرف أو ذاك، لكن فكرة وجود قناصة من الأساس تؤكد أن هذه المعركة كانت معدة سلفا، لأن القناص عادة ما يحتاج وقتا لاختيار مكان مناسب ليمكنه من الرؤية والاختباء فى آن، كما أن طريقة الموت «قنصا» تحتاج إلى محترفين على درجة عالية من التدريب والحرفية، والأغرب من كل هذا هو أن شارع النصر وبالتحديد تلك المنطقة التى تقع أمام المنصة، تكاد تكون مكانا مفتوحا، فكيف تمركز القناص وكيف قنص؟
لو سلمنا بأن هذه المعركة تم الإعداد لها مسبقا، وأن القناصة قد عاينوا وتمركزا فى أماكنهم قبل المعركة أو فى أثنائها، فإن هذا سيطرح سؤالا آخر أكثر أهمية وهو: هل كانت الشرطة تعرف أن معتصمى رابعة سيذهبون إلى هذا الاتجاه، وهل كانت تعلم نيتهم بناء هذا السور التافه الذى أودى بحياة عشرات؟ وهل كانت تعرف أنهم سيتمركزون فى هذه المنطقة؟ الإخوان يقولون إنهم كانوا يعتزمون الذهاب بمسيرة والعودة مرة أخرى، وبعضهم يقول إن قلة قليلة هى التى كانت تعرف أن شباب الإخوان سيبنون هذا السور، وأنهم كانوا ينتوون «فقط» قطع كوبرى اكتوبر، وهذا ما يؤكد أن الشرطة ربما تكون قد فوجئت بالأمر، إلا إذا كان لديها جواسيس داخل الاعتصام على درجة قرب كبيرة من صنع القرار الإخوانى.
السؤال الذى أنتظر أن تجيب عنه النيابة والطب الشرعى هو معرفة المسافة التى تم إطلاق النار منها، فلدينا على الأقل فيديو واحد به مكان موت أحد الشباب، ومن خلال هذا الفيديو، ومن خلال جثة هذا الشاب يمكن للطب الشرعى أن يحدد المسافة التى تم إطلاق النار منها، وبالتالى يمكن أن يرسم المحققون دائرة مركزها مكان القتل وقطرها المسافة التى أطلقت الرصاصة منها، ليقوموا بعملية إحصاء للأماكن التى تمر عليها هذه الدائرة، وليستكشفوا أنسب الأماكن التى من المحتمل أن يتواجد بها القناص، ومن ثم يستكشفون انتماءه إلى هذا المعسكر أو ذاك، والسؤال الأهم فى كل هذه الأسئلة هو العدد الحقيقى لضحايا المعركة، فقد قال الإخوان إن القتلى أكثر من مائتين، والجرحى بالآلاف، ثم قالوا على لسان الشيخ يوسف القرضاوى إن القتلى حوالى 140 والجرحى بالآلاف، وأقل رقم عن إحصاء أعداد القتلى من جابن الإخوان كان 120، وفى كل الأحيان فإن الجرحى أيضا بالآلاف، وجاءت النيابة التى حققت فى الأمر، وقالت إن عدد القتلى 73 وعدد الجرحى 222، وبرغم أن الجرم ثابت بحق الجميع، إذا مات متظاهر واحد لكننا لا نملك إلا التعجب والتعجب المضاعف، إذا ما وضعنا فى حسباننا أن الفرق بين إحصاء النيابة للقتلى هو127 قتيل فى إحصاء و67 فى إحصاء آخر، و 47 على أقل تقدير، وإذا كان من الممكن أن نتفهم الفارق بين الإحصائين فى مسألة عدد المصابين على اعتبار أن هناك الكثير من أصحاب الإصابات الطفيفة، قد عولجوا فى المستشفى الميدانى برابعة العدوية، فأين ذهبت جثث الشباب الذين استشهدوا فى المعركة؟
خذ فى حسبانك هناك حوالى 15 جثة مجهولة الهوية، لم يعترف بها الإخوان، ولم يتسلموها، ما يعنى أن الإخوان تسلموا 57 جثة فحسب، وإذا افترضنا أن هناك فعلا على أقل التقديرات الإخوانية 120 قتيلا فأين ذهبت هذه الجثث، مع الوضع فى الاعتبار أنه لا يمكن لأى كائن من كان، أن يحصل على تصريح دفن جثة مصابة بطلق نارى دون العرض على الطب الشرعى، ودون تصريح النيابة، ما يضعنا الآن بين خيارين اثنين، الأول أن تكون الجماعة كذبت بشأن أعداد القتلى ولم تتورع عن مضاعفة الرقم الحقيقى مرة واثنتين، ومن ثم ساهمت فى تأجيج الرأى العام بشكل غير محترم، وهو الأمر الذى سينعكس بالطبع على مصداقية الجماعة فيما بعد، والثانى أن تكون الجماعة قد دفنت جثثها بشكل غير شرعى، وإذا نحينا الخيار الأول وهو الأقرب فلا يعنى الخيار الثانى سوى أن هناك شيئا أرادت الجماعة أن تدفنه مع هذه الجثث! ولك أن تتساءل: ما هذا الشىء ولماذا خشيت الجماعة من إعلانه؟، وهنا أريد فقط أن تتذكر ما قيل عن أن الجماعة تستعين بأشخاص غير مصريين فى معاركها، وأريد أيضا أن أذكرك بأن النيابة أثبتت أن هناك سبع جثث من بين قتلى موقعة الحرس الجمهورى «مسجلين خطر»، ولكل منهم صحيفة سوابق عامرة بالجرائم والأحكام النهائية.
أخيرا أريد أن أذكرك بعدة حقائق أثبتتها الوقائع، وهى أن تنظيم الإخوان كثيرا ما يدعى أن من قتلهم أعضاء الجماعة أعضاء فى الجماعة، والدليل على هذا هو أنهم ادعوا أن الشهيد الحسينى أبو ضيف الذى عاش عمره كله يجهر بخصومته للجماعة من أنصار الجماعة، وأنه مات فى صفوف الإخوان، كما أنهم ادعوا كذبا أيضا أن المصاب «أحمد فيصل» وهو أحد مصابى الاتحادية، قد استشهد، وليس هذا فقط، بل ادعوا أنه مات فى صفوف الإخوان بالمخالفة للحقيقة، لأنه كان فى صفوف الثوار بحسب ما ظهر فيما بعد، وآخر هذه الحوادث، التى تؤكد تزييف الإخوان لهويات القتلى، هو ادعاؤهم بأن الشهيد حسام البديوى الذى لقى مصرعه فى أحدث الجيزة ينتمى للجماعة، فى حين أن أصدقاءه وأهله أكدوا أنه كان يمقت الجماعة، وأنه استشهد فى صفوف الأهالى، وأخيرا أريد فقط أن أذكرك بالأخبار التى تؤكد أن الشرطة كلما ألقت القبض على أحد المنتمين للجماعة، وبحوزته أسلحة نارية وجدت معه طلقات فارغة، ومعروف أن الطلقات الفارغة إذا ما تركت مكانها فإنها تثبت مكان إطلاق الرصاصة، فلماذا يحرص الإخوان على عدم ترك فوارغ الرصاصات؟








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة