- تستيقظ من نومك المتقطع وأنت «تنهج»، متوقعا كارثة جديدة وضحايا جددا، لأن أناسا لا يريدون لأحد أن ينام مطمئنا، جاءوا من الماضى بالغبار نفسه باللغة نفسها بالقسوة نفسها، تشعر عندما تتأمل ملامحهم وثيابهم أنك انتقلت أو تم اختطافك فى زمن آخر، زمن كنت تقلب صفحاته بسرعة وأنت تقرأ التاريخ حتى لا يسيل الدم على ركبتيك، فكرت لو شهد آرثر شوبنهاور «1788 - 1860» الضجيج الذى تعيشه مصر هذه الأيام، وأصوات الأعيرة النارية «الحية والخرطوش والصوت والألعاب» التى أبعدت العصافير عن سمائنا، وجعلت الفزع سلوكا، كان فى زمنه يعتبر أن أشد أنواع الضوضاء دناءة هو قرقعة الكرابيج فى الهواء «أن كل مرة تحدث فيها هذه القرقعة، لابد أنها تشتت ذهن مائة من الناس، مقبلين على إعمال فكرهم فى عمل أيا كانت عدم أهميته، بينما يكون وقعها على المفكرين كارثة مفزعة، حيث تقطع عليهم حبل أفكارهم بعنف، كما يقطع الجلاد بسيفه الرأس عن الجسد، فليس هناك صوت مهما علا واحتد، له على المخ ذلك الأثر الحاد القاطع الذى يمشى فيه كالسكاكين مثل هذه القرقعة اللعينة».. القرقعة هذه تتجسد جلية فى تهديد ووعيد كرابيج الجزيرة، صفوت حجازى ومحمد البلتاجى والمرشد وعاصم عبد الماجد وفهمى هويدى والقرضاوى وأحمد منصور، وشخص آخر يعمل فى المبادرات فى أوقات فراغه يدعى سليم العوا، اعتقد أن مصر فى حرب مع وطنه الأصلى سوريا، مما دفعه إلى القول فى نقابة الأطباء إن حديث «أجناد الأرض» الشريف إسناده ضعيف.
- أين بتوع الطفولة طيبو القلب فى المنظمة العالمية لرعايتها؟، أين منظمات المجتمع المدنى التى تتلقى تمويلات حلوة غزيرة فى الطفولة والأمومة ومحو الأمية وأطفال الشوارع؟، ما رأيهم فى وضع أطفال مصريين دروعا بشرية فى رابعة العدوية، واستثمارهم فى مشاهد ميلودرامية بالأكفان، لماذا لا يوثقون هذه المشاهد ويواجهون بها مموليهم.. الذين يقفون حاليا وفى كل الأحيان ضد استقلال مصر. - الظلاميون الذين يدعون مثل «الولايا» على الجيش والإعلام والقضاة والملايين الكافرة، لكى «يصعبوا» على الأمريكان والأوربيين والإسرائيليين، الظلاميون المظلمون الذين يقفون منبهرين أمام شخص ما على منصة رابعة يحدثهم بالفرنسية والإنجليزية والألمانية الفصحى، ويصفقون له عندما يأخذ نفسه، والذين يتم الدفع بهم إلى الموت فى معركة من أجل السلطة وضد وطنهم وليسوا طرفا فيها، هؤلاء معروف مصيرهم، أما الذين أطاحت بهم ثورة 25 يناير العظيمة، وعادوا للظهور مؤخرا كأنهم الثوار.. كيف سيتصرف التاريخ معهم؟
- الانتقام كما يقول فرانسيس بيكون «1561 - 1626» هو نوع من العدالة الهوجاء، التى كلما جنحت إليها طبيعة الإنسان، وجب على القانون أن يستأصلها من جذورها، فالاعتداء الأول ليس إلا خرقا للقانون «وفى حالتنا لم يحدث خرق لأن شرعية الشارع حاسمة»، ولكن الانتقام لهذا الاعتداء يتعدى ذلك إلى إبطال وظيفة القانون، ومن المؤكد أن من يحرص على الانتقام، يحرص كذلك على أن يحتفظ بجروحه مفتوحة تنزف الدم، وإلا اندملت وشفيت ونسى انتقامه، هؤلاء أشبه الناس بالساحرات، وبسبب طبيعة البشر فى نفوسهم.. تكون نهايتهم مؤسفة.