مصر حالة نادرة من الأقاليم والبلاد، فهى بالجغرافيا تقع فى أفريقيا لكنها تمتد إلى آسيا بالتاريخ.. هى فى الصحراء وليست منها، فرعونية بالجد عربية بالأب، ثم إنها بحسها النهرى قوة نهر ولكن بسواحلها قوة بحر.. تضع قدما فى الأرض وقدما فى الماء مصر لا تجمع بين الأضداد وإنما تجمع بين أطراف متعددة وغنية كثيرة خصبة وثرية، بين أبعاد وآفاق واسعة بصورة تجعلها سيدة القرون الوسطى تجعلها أمة وسطا بكل معنى الكلمة.
إنها شخصية مصر.. دراسة فى عبقرية المكان التى قدمها العبقرى جمال حمدان، وهذه الدراسة نحتاجها الآن لتكون أحد مصادر القوة فى لحظتنا الفارقة من عمر مصر التى كما أكدت الدراسة فى قلب الدنيا من حيث الموقع، وعلى ناصية كل التيارات الحضارية والثقافية والتاريخية. لا تستمد مصر ثقلها من الحجم وحده بل من تجانسها الشديد هذه هى مصر الحقيقية وهذه الدراسة ترد على كل المحاولات والمؤامرات التى حاولت تغيير الهوية المصرية وتقسيم المصريين إلى كفار وإخوان وجماعات دينية، والتطرف الجاهل والتشيع الطائفى لم تعرفه مصر، فقط عرفت الإيمان أينما كان الدين ولها فى ذلك طريقة متفردة، المستشرق الإنجليزى إدوارد لين يقول فى كتابه الشهير عن عادات المصريين والتى استشهد بها الكاتب والمفكر المصرى جلال أمين فى مقال أخير له وأعيد اقتباسها، إن ملامح الهوية الشعبية فى مصر تظهر بوضوح كلما احتد الشجار بين المصريين إذ يكفى وقتها لإنهاء الشجار أن يتدخل مصرى ثالث ليطلب من كل منهما أن يصلى على النبى.
المجمتع المصرى يبدو فى قمة توازنه عندما تتجلى فيه هويته المصرية المتفردة والاستثنائية، فى 5 يونيو 67 جاء الانكسار إلى مصر، وبدأ البعض فى استبدال الانتماء للهوية المصرية وللحلم القومى بالانتماء إلى التشدد والجماعات الدينية ويبدأ الصراع والانقسام الذى تحدث عن نفسه بوضوح وقوة بعد 25 يناير 2011، فى 30 يونيو 2013 وقف الخلق جميعا ينظرون إلى مصر التى هبت ثائرة على التطرف الذى أنجب الإرهاب والعنف.. ثارت مصر لتسترد عافيتها وهويتها وانتماءها الوطنى ولتعلن الحرب على الإرهاب.. حرب مصر ضد الإرهاب يجب أن تبدأ بحرب على الجهل وثورة على تعليم بائس وامتلاك إرادة حقيقية لإعادة التنوير واستعادة الوعى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة