لم أفهم حتى الآن كيف استطاع الإخوان إدخال الأسلحة والخيام وأطنان الأسمنت والطوب والذبائح ومئات الآلاف من الوجبات وغيرها من شكائر زجاجات المولوتوف ووسائل الإعاشة والتجييش، إلى ميدانى رابعة العدوية والنهضة، وكيف تأتى الأتوبيسات المحملة بالبشر من مختلف المحافظات، دون أن تستوقفها كمائن الشرطة وحملات المرور وأجهزة التحريات، ولماذا لم يتم ضبطهم ومصادرة المخالفات قبل الوصول إلى المستعمرتين، للحد من الدعم المستمر لتلك الاعتصامات غير السلمية وتجفيفها من المنبع، والتقليل من أعمال الفوضى والبلطجة وترويع الآمنين، علاوة على جرائم القتل والتعذيب والاحتجاز خارج إطار القانون، خصوصاً أن السيارات والشاحنات تمر فى الشوارع جهارا نهارا وأثناء الليل، وصولاً إلى الميدانين اللذين يقعان فى قلب القاهرة والجيزة وليس فى مناطق نائية أو منعزلة، ونجحت بعض الفضائيات فى تصويرها ورصد حركتها.
أعرف جيداً أن الشرطة لم تسترد بعد عافيتها وتواجه تنظيمات مسلحة وعصابات إجرامية، وبين صفوفها بعض الأيادى المرتعشة وأصحاب الميول الإخوانية، ولكن الشعب الذى أعطاها قبلة الحياة فى 30 يونيو ينتظر عودة الأمن والأمان والطمأنينة، ليستعيد كامل الثقة فى جهازه الأمنى القوى المنضبط الملتزم بالقانون والدستور وحقوق الإنسان، ليطوى صفحة الماضى بحلوها ومرها، ويبدأ مرحلة جديدة تحت مظلة الدولة المدنية العصرية التى يسعى لتأسيسها، ولن ينسى المصريون أن الشرطة التى تواجه الآن مؤامرات كثيرة هى التى خاضت حرب تحرير الوطن من الإرهاب والإرهابيين فى التسعينيات، فى ظروف مشابهة لما يحدث الآن، حيث كان الغرب وأمريكا والأشقاء والأصدقاء يعتبرون الإرهاب شأنا مصريا ومشكلة داخلية وليس ظاهرة عالمية، حتى انفجر فيهم وطالت جرائمه دولهم وشعوبهم، فصدقونا واعترفوا بخطئهم وأشادوا بالتجربة المصرية فى محاربة الإرهاب.
الشرطة التى انتصرت على الإرهاب منذ عشرين عاما وقدمت شهداءها فداء للوطن، قادرة على أن تعيد التجربة، ويساندها الآن شعب ثائر وأكثر وعيا وإدراكا لما يحيط ببلده من ضغوط ومؤامرات وسوف يخرج بعشرات الملايين دفاعا عن حقه فى الحياة ضد أعداء الحياة.