أخطأ النظام الجديد بعد 30 يونيو فى التعامل مع الإخوان، ولم ينجح فى قمعهم أو استيعابهم، وأدى البطء وغياب الرؤية والإدارة إلى تحول اعتصامى رابعة والنهضة إلى بؤرة لإنكار ومقاومة خريطة الطريق، ودعم الإرهاب فى سيناء، وثغرة للتدخل الأجنبى – السياسى والإعلامى – الذى فاق كل الحدود، دون أن ينجح فى إقناع الإخوان أو الحكم الجديد بصيغة لنبذ العنف والتعايش والعمل المشترك. المؤكد أن الحكم فى أزمة، والإخوان فى ورطة، فالحكم ترك الاعتصام لأسابيع دون تدخل، ثم أعلن عن قرار فضه بالقوة المتدرجة وبحسب القانون. ورغم توافر مبررات فض الاعتصام، فإن الحكومة عاجزة عن الحسم وتنفيذ ما هددت به، ربما حقنا للدماء، أو خوفاً من ردود الفعل الدولية، وربما أيضا لأن العنف سيؤدى إلى مزيد من العنف.
والمشكلة أن تردد الحكومة فى فض الاعتصام يبدد من مصداقيته، خاصة أنها تعطى كل يوم إشارات لأمرين متناقضين، هما فض الاعتصام، والرغبة فى التوصل إلى حل سياسى.. هذه باختصار أزمة الحكم، أما ورطة الإخوان فهى كبيرة وخطيرة، لأنها تهدد وجود الجماعة ومستقبلها، فهى ما تزال تنكر الواقع، وغير قادرة على التسليم بأن أغلبية الشعب ضدها، ولن يتأثر بلعب الجماعة دور المظلوم والمضطهد، وتصوير ما حدث لمرسى بأنه مؤامرة ضد الإسلام، ومع ذلك ترفع الجماعة مطالب مبالغا فيها وغير واقعية، كعودة مرسى والدستور ومجلس الشورى، ومحاكمة السيسى!.. تكرر الجماعة هذه المطالب بمظاهرات محدودة لكنها مزعجة، لأنها تقطع الطرق، وتربك المرور، لكنها تستعدى مشاعر الناس، علاوة على استدعاء حلفائها فى واشنطن والاتحاد الأوروبى وتركيا وقطر، وتنظيم حملات دعائية تقلب الحقائق بشأن سلمية الاعتصام والمظاهرات، واعتداءات الشرطة والبلطجية على الإخوان الأبرياء المسالمين، رغم أن الحقائق على الأرض تؤكد أن العنف يمارس من الطرفين، ورطة الإخوان وجودية، فهم غير قادرين على تجديد خطابهم، أو تقديم تنازلات يتقبلون بها الوضع الجديد، ويندمجون فى العملية السياسية وفق خريطة الطريق، كما أنهم غير قادرين على التصعيد والضغط على الحكم الجديد، وإرغامه على القبول بمطالبهم، فقد جربوا الاعتصام والتظاهر وقطع الطرق والإرهاب فى سيناء، ولم ينجحوا، وبالتالى فإن كل يوم يمر على اعتصامهم اليائس - الذى يفتقر للرؤية - يستنزف مواردهم وقدراتهم على التنظيم والتعبئة والحشد، ويكسبهم مزيدا من الغضب الشعبى، لذلك أعتقد أن الوقت ليس فى صالح الإخوان، وعلى الحكم الجديد أن يفكر بشجاعة، ومن خارج الصندوق فى عدم فض الاعتصام بالقوة، وليترك الوضع كما هو عليه، لأن مخاطر وتكلفة تعطيل مصالح سكان رابعة والجيزة وإرباك المرور أقل بكثير من سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى أثناء فض الاعتصام، كما أن دوائر الدم والثأر الذى قد ينجم عن فض الاعتصام ستربك خريطة الطريق، وتستنزف الاقتصاد. وأنا على ثقة بأن إعلان الحكومة عدم فض الاعتصام سيحرم الإخوان من استغلال الشعور بالخطر والتحدى لدى أنصارهم، كما سيحرمهم من التعاطف الإعلامى وتوظيف فكرة المظلومية.
رسالتى للحكومة أن خسائر فض الاعتصام أكثر من الأرباح، ومن الممكن ترك اعتصامات رابعة والنهضة والتحرير مع مخاطبة المعتصمين عبر وسطاء وممثلين عن السكان لفتح الطرق أمام المرور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة