لا تغيب عن عينى أبدا هذه الصورة، صورة ذلك الشاب الإرهابى الذى صعد إلى سطح إحدى عمارات سيدى بشر بالاسكندرية، وانهال ضربا على طفل صغير مذعور، ثم ألقى به من فوق السطوح على ارتفاع شاهق، فانهال أصدقاؤه على الطفل ضربا وتنكيلا حتى فارق الحياة، كان الشاب القاتل صاحب اللحية الغريبة يحمل علم القاعدة، فى تجسيد حقيقى لمعنى الإرهاب، وامتزاج تام بين الحامل والمحمول.
منذ هذا الحين وأنا أعتبر حمل هذا العلم جريمة، لابد أن يعاقب عليها القانون، ذلك لأن من يحمله يعلم تمام العلم أنه خارج على قوانين الدولة المصرية، وأنه بحمل هذا العلم ويقر بأنه لا يعترف بالدولة ولا قوانينها ولا دساتيرها المتعاقبة، ولا يعتبر أبناء الشعب المصرى أخوته فى الوطن، بل يعتبرهم أعداء خالصين يستحقون القتل بمجرد رؤيتهم، حتى دون أن يحملوا ضده السلاح، وهو الأمر الذى يخالف كل الأعراف والمواثيق الإسلامية والإنسانية.
ولأننا لم نعالج ظاهرة حمل علم القاعدة، وما تحمله من أفكار عدائية ضد المجتمع المصرى، صارت «الموضة» الآن عند الكثير من أنصار الرئيس المعزول الذين يعتقدون أن حملهم لهذا العلم الأسود المتاجر بعبارات التوحيد، هو كسر لسقف المعارضة، غير مدركين أنهم بحمل هذا العلم الأسود يتحدون مجتمعا بأكمله.
فى مظاهراتهم وفى مسيراتهم وفى اعتصاماتهم يرفعونه بلا أدنى خوف، أو شعور بالاضطراب، ما يدل على أنهم لا يتحدون به دولتهم فحسب، وإنما يعتبرون أن حمله أمر طبيعى وتلقائى، مدركين أن مجرد حمل هذا العلم، هو كفر بالوطنية المصرية، وضرب لكل المواثيق الدولية، غير عابئين باستعدائهم للمجتمع المصرى الذى صار من وجهة نظرهم كفرة أو بلطجية أو فلول مأجورين أو نصارى متآمرين.
صار طبيعيا فى هذه الأجواء العبثية أن ترى الإرهابيين من مؤيدى مرسى وزبانيته يرفعون هذا العلم على أبواب الكنائس ليكشفوا بهذا الفعل الأحمق عن وجههم الحقيقى الذى يعادى كل قيم التعايش والمواطنة وحقوق «أهل الذمة» التى يطنطنون بها فى القاعات الرسمية، والمؤتمرات الانتخابية، وصار طبيعيا أيضا أن ترى استعراض القوة العسكرية لهذا التنظيم فى جنازة أحد إرهابيى سيناء، وكأنهم يريدون أن يقولوا لنا: «موتوا بغيظكم إلى أن نقتلكم بإرهابنا» واللافت فى هذا الأمر أن هؤلاء الخونة لم يتركوا نقطة ملتهبة إلا وأشعلوها، متعمدين العبث فى ملفات الأمن القومى المصرى، بإرهابهم مسيحيى مصر وقتلهم لجنود مصر وتدميرهم لسيناء درة تاج مصر.
المطلوب الآن أن يقف الشعب المصرى لهذا الغزو الأسود لبلدنا بكل حزم وقوة، فليس بعد الكفر إثم، ولا يعنى حمل علم الإرهابيين سوى أن حامله كافر بالدولة، ناكر لمواثيقها وقوانينها، وهو الأمر الذى يجب أن نجابهه بكل ما أوتينا من قوة، فقد ثبت للجميع أن حاملى هذا العلم الأسود على أتم استعداد لسفك الدماء دون أدنى شعور بالذنب، مستحلين القتل والنهب والسلب، ولهذا لابد من إصدار قانون يجرم حمل الإشارات الإرهابية، أو ترديد العبارات والإيماءات التى تحرض على الكفر بالوطن، واعتبار كل من يرتكب هذه الجريمة متهما بالخيانة العظمى، هذا إن كنا نريد أن نحافظ على وطن اسمه مصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة