حتى آخر لحظة، تعامت الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى مع إرهاب الإخوان كما تتعامل مع جرائم إسرائيل فى الأراضى العربية المحتلة، كلما ضربت تل أبيب ضربة أو تمادت فى العنف طالب الغرب الفلسطينيين والعرب بضبط النفس، والجلوس إلى مائدة المفاوضات باعتبارها الحل الوحيد والمقبول من وجهة نظرها للأزمة، كذلك كلما انكشفت جريمة من جرائم الجماعة التى مارست القتل والتعذيب جهارا نهارا فى رابعة والنهضة وكدست الأسلحة والبلطجية هناك، خرجت علينا السيدة آشتون مسئولة السياسة الخارجية الأوروبية والسيد جاى كارنى المتحدث باسم البيت الأبيض، بضرورة التوصل إلى حل سياسى والجلوس إلى مائدة المفاوضات، وإلا فقدت مصر الدعم المالى والسياسى.
طيب ما أجندة الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى لجلوس الحكومة وجماعة الإخوان الإرهابية على مائدة المفاوضات؟ الهدف أولا، إعادة الشرعية للجماعة مرة أخرى وفرضها كشريك مخالف فى صناعة السياسة المصرية، والهدف ثانيا، الاعتماد على الجماعة فى الضغط - بحكم كونها شريكا فى صناعة السياسة المصرية وصاحبة نصيب فى البرلمان وعدد من وزراء الحكومة الافتراضية، لتنفيذ المشروع الأمريكى الغربى للمنطقة بأسرها، والهدف ثالثا، الإبقاء على مصر أسيرة الانقسام الداخلى والسلام المجتمعى الهش، حتى لا يتم ترجمة الالتحام الشعبى العظيم فى ثورة 25 يناير وما بعدها فى ثورة 30 يونيه إلى قوة دافعة للمصريين حتى يعرفوا ما يمكن أن يحققوه على المستوى الإقليمى والعربى وعلى المستوى الإفريقى والعالمى.
ماشى، ما وسائل الضغط الأمريكى والأوروبى على مصر؟ تستطيع الدول الغربية قطع المساعدات والمعونات الاقتصادية عن مصر، وتستطيع وقف المساعدات العسكرية وقطع الغيار الضرورية، كما تستطيع الضغط على بعض الدول العربية لمنع مساعداتها المالية، لكنها تعرف أنها يمكن أن تخسر خسارة هائلة إذا قطعت أشواطا كبيرة فى هذا الاتجاه، لأن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى لا يتحملان مثلا وجود تفاهمات حقيقية وتعاون عسكرى مصرى روسى أو مصرى صينى يسمح بدخول روسيا مرة أخرى إلى المنطقة العربية من بوابتها الكبرى.
كما تعرف الإدارة الأمريكية أن ضغوطها على مصر سيعنى اصطفافا وطنيا والتحاما شعبيا شبيها بما تحقق خلال عهد الزعيم عبد الناصر قبل النكسة وهو ما يمكن أن يحقق نقلة نوعية لمصر فى مختلف المجالات ، على عكس الهوى الأمريكى بالطبع. وتعرف الإدارة الأمريكية أيضا أن الدول العربية، الخليجية منها خصوصا، تقاوم مخططات تقسيمها، ومن ثم ستدفع فى اتجاه تعزيز المقاومة المصرية باعتبارها خط الدفاع العربى الأول ، فضلا عن أن تجارب واشنطن الفاشلة فى احتواء إيران وكوريا الشمالية تكشف ما يمكن أن تتعرض له من جراح وخسائر حال قررت فرض أى حصار أو ضغط على مصر.
أما عن مطالب قيادات الإخوان الهستيرية لواشنطن والناتو بتوجيه ضربات عسكرية للقاهرة لإعادة مرسى أو لحماية سيطرة الإخوان على الحكم مقابل تنفيذهم للمشروع الأمريكى بالمنطقة، فهذه أوهام يائسين أصيبوا بصدمة عصبية بعد الإطاحة بهم من قبل الشعب، لا تستند إلى أى حسابات أو تقديرات عملية موضوعية، أو سياسية منطقية ، فالإدارة الأمريكية تعرف جيدا معنى أن تقدم على عمل عسكرى متهور تجاه القاهرة، أو حتى دفع إسرائيل لمغامرة جديدة فى سيناء ، فاللحظة الراهنة ليست كالخمسينيات أو الستينيات من القرن الماضى، ورد الفعل المصرى عسكريا وسياسيا سيكون موجعا فى أى مواجهة، والأمريكان أول من يعرف.
إذن ، فالبذاءات الأمريكية تجاه الموقف المصرى سيعقبها خطاب معتدل واستمرار الدعم العسكرى والسياسى، كما سينسحب الأمر نفسه على الاتحاد الأوروبى، وستمضى سفينة الوطن فى المسار الذى خطط له الشرفاء المخلصون، والمعركة مع الطابور الخامس وفلول الإخوان ستستمر إلى حين لكنها محسومة سلفا بقرار من الشعب القائد والمعلم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة