وائل السمرى

من يؤيد الثورة فهى مستمرة..

من يؤيد البرادعى فهو استقال

الجمعة، 16 أغسطس 2013 10:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما أشبه الليلة بالبارحة، فقد ذكرنى موقف الدكتور محمد البرادعى اليوم حينما قفز من مسؤولياته معلنا استقالته من منصبه نائبا لرئيس الجمهورية، بموقفه قبل ثورة 25 يناير «حرفيا»، حيث غاب البرادعى عن المشهد تماماً، وسافر، وحينما سألت بعض أنصاره الملاصقين له، قالوا لى إن الدكتور قال لهم إن عليه التزامات غربية لا يستطيع عدم الوفاء بها، سألت نفسى، هل يفضل البرادعى التزاماته «الخارجية» على التزاماته الوطنية، وهل يغيب عن البرادعى أنه الآن أصبح رمزا لثورة منتظرة؟ وهل يجوز لمن أصبح أملا للمصريين أن يتخلى عن هذه المكانة بهذه السهولة؟ وهل يجوز لنا أن نتعامل مع من يتصرف بهذا الشكل، أن نعتبره رمزا وأملا ومخلصا؟ وكانت هذه الأسئلة هى الدافع لكتابتى مقالا نشر فى أواخر أكتوبر من العام 2010، قلت له فيه إن التزاماته الدولية «لاتخول له أن يتركنا هكذا، وأن يتعامل مع مصر عبر الإنترنت، كما لو كانت زوجة سرية يخشى على أم العيال من علاقته بها» وقلت له بعد أن عاتبته وشددت عليه فى العتاب «من موقع المحب أتكلم.. ومن موقع الغريق أيضاً.. ولا يتعشم الغريق أن تنقذه الأمواج، ولكن يحزنه أن تخذله «القشاية».
ها هو البرادعى يعود مرة أخرى إلى ما كان عليه، «قشاية» تخذلنا فى أحرج اللحظات، منسحب فى وقت تظهر فيه معادن الرجال، هارب من المسؤولية، قافز من مركب الوطن، متخاذل عن اتخاذ قرار مصيرى يتحدد بناء عليه مستقبل أمة يدعى أنه يعمل من أجلها، سمعت بخبر وفاته، فكتبت على صفحتى بالفيس بوك وتويتر فى الساعة الخامسة مساء أمس الأول «من كان يؤيد البرادعى فالبرادعى قد استقال، ومن كان يؤيد الثورة فالثورة مستمرة»، ذلك لأنى لا أصل أبداً إلى تلك الحالة الصبيانية التى تظن أن الأشخاص آلهة لا يخطئون، كما أنى أعتبر أن من يضبطون بوصلتهم على مواقف الآخرين مجرد تابعين، لا يختلفون عن تابعى الجماعة شيئاً، فواحد ينظر إلى البرادعى فيولى وجهه أينما ولى البرادعى وجهه، وواحد ينظر إلى المرشد فيصبح مثل عباد الشمس، بينما من ينظر إلى مصر يظل رافعا رأسه إلى حيث تكون مصر.
لن أخون البرادعى ولن أتهمه بما اتهمه به غيرى، لكنى فى الحقيقة لا أعرف كيف يرتكب «البوب» هذا الخطأ الاستراتيجى الكبير، فهو يعرف تمام المعرفة أن اعتصام الإخوان كان اعتصاماً مسلحاً، كما أنه يعرف تمام المعرفة أن قوات الشرطة التى حاولت فض الاعتصام بالطرق السلمية، واجهت وابلاً من الرصاص من أسلحة متطورة، وهو يعرف أن تجمع ميليشيات الإخوان فى رابعة والنهضة كان حائزاً للعديد من الأسلحة المتطورة، فكيف يا أيها «البوب» تفض تجمعاً مسلحاً لا يتورع القائمون عليه عن قتلك وسحلك والتمثيل بجثتك دون أن تقابل عنفهم بعنف؟ أم كنت تريد أن تعطيهم مهلة إضافية لمزيد من القتل، ومزيد من التعذيب فى سلخانات المنصة؟
لقد كتبت يا أيها «البوب» قبل فض الاعتصام فى العدد اليومى من «اليوم السابع» أنى ضد فض الاعتصام بالقوة، رغم أننى أرى أن فض الاعتصام غير متعارض مع مبادئ القانون والأعراف الإنسانية، لأن اعتصامات الإخوان «مسلحة» وليست «سلمية»، لكنى كنت حريصاً على ألا أجعل الإخوان يتصدرون المشهد مرة أخرى، كما كنت حريصاً، لكن مادام الفض قد حدث، فإنه من واجبى أن أقول إن هذا القرار «سليم» برغم أنى كنت أرى أن عدم الفض هو الأسلم، لذا فإنى وبرغم اتفاقى الجزئى مع البرادعى أعتبر تقديم استقالته الآن عملاً صبيانياً لا يليق بـ«رجل دولة» كما أننى أعتبر هذا التصرف غير المسؤول أنانيا، لم ير فيه البرادعى مصلحة مصر العليا، ورأى فيه فقط مصلحته الشخصية، فمعروف أن السياسة هى فن الممكن وأن السياسى المحنك هو من يستطيع اختيار أقل الأعمال شراً، وكلمة أقل الأعمال شراً لا تنفى أبداً أن هناك أفعالا غير مثالية يجب ارتكابها حفاظا على الدولة، خاصة أن الجماعة التى كان يريد البرادعى التحاور معها بدأت بالفعل فى سيناريو الفوضى الكبرى، بإثارة الفوضى فى شوارع مصر، كما فعلوا فى الفيوم ودمياط وشارع فيصل وغيرها من الأحياء والمحافظات، فهل كنت تريد أن تنتظر حتى تنهار الدولة حتى تهنأ بأيقونة المثالية التى ترسمها لنفسك؟ وهل كنت تنتظر حتى يموت 4 آلاف شرطى، لأن الـ 43 شرطيا لم يكفوك؟ أجبنى يا دكتور محمد، يا من تحملت بسبب حماسى لأفكارك شتيمة وسباً كثيرا، هل حرق الأقسام ليس مهماً، والمهم هو اعتصامات الإخوان؟ هل قتل الظباط ليس مهماً والمهم هو اعتصامات الإخوان؟ هل تعذيب المدنيين فى اعتصامات الإخوان ليس مهماً والمهم اعتصامات الإخوان؟ هل قتل المدنيين فى اعتصامات الإخوان ليس مهما والمهم اعتصامات الإخوان؟ هل قتل إخواننا فى الاتحادية ليس مهما والمهم اعتصامات الإخوان؟ هل خطف الصحفيين ليس مهما والمهم اعتصامات الإخوان؟ هل خطف مصر وتسليمها لقطر وأمريكا مش مهم والمهم اعتصامات الإخوان؟ هل تخريب سيناء والإفراج عن الإرهابيين ليس مهما والمهم اعتصامات الإخوان؟ هل قتل عساكر الجيش وخطفهم كل يوم ليس مهما والمهم اعتصامات الإخوان؟ هل اقتحام مكتبة الإسكندرية ليس مهما والمهم اعتصامات الإخوان؟. هل عام من الفشل والاستبداد والقتل والسحل والبلطجة ليس مهما والمهم اعتصامات الإخوان؟
هل مصر ليست مهمة والمهم هو البرادعى؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة