أكثر ما استفزنى فى مذبحة استشهاد 25 جنديا فى سيناء هو تصريح أحمد عارف المتحدث الإعلامى للإخوان المسلمين بأنه "لا يستبعد أن تكون هذه المقتلة للتغطية على التطور النوعى الخطير فى استهداف المصريين الدموى، بالتصفية الجسدية فى سجن أبو زعبل"، ولم يدرك حتى الآن أن أكاذيب الإخوان كانت السبب الرئيسى فى سقوطهم وكراهية المصريين لهم، فهم لا يحترمون العقول ويستبيحون الوعى ويصرون على الإنكار والتضليل والخداع، مثلما قال رئيس شركة المقاولون العرب الإخوانى إن طائرات الجيش هى التى حرقت مبنى الشركة فى رمسيس، وأكاذيب أخرى مفضوحة من نوع أن المسيحيين هم الذين يحرقون كنائسهم، وأن الداخلية هى التى اغتالت مأمور قسم كرداسة، وأن القناصة الذين اعتلوا مئذنة مسجد الفتح هم بلطجية الشرطة، وأشكال وألوان أخرى من الكذب الذى يتنافى من أبسط قواعد الأخلاق والضمير.
لم تدرك هذه الجماعة حتى الآن أن إدمان الكذب نهايته سوداء، وأن السذج والمخطوفين فقط هم الذين يصدقون أن سيدنا جبريل يؤمهم فى صلاة الفجر، وأن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم يصلى وراء المعزول وأن من يشكك فى عودته لا يؤمن بوجود الله، والأكثر مأساوية أنهم أول من يصدقون أكاذيبهم، ويبنون عليها خططهم وتحركاتهم وتظاهراتهم، فهم يتوهمون أن الشعب المصرى عن بكرة أبيه يتظاهر معهم فى الشوارع، وأن جرائمهم الدموية هى قمة السلمية وأن النصر قادم لا محالة، وشجعهم إدمان الكذب على رفض كل المبادرات والحلول التى تستهدف نبذ العنف ولم الشمل وحقن الدماء، وأصروا على السير فى هذا الطريق حتى نهايته فوق الجثث والدماء.
ولم يستوعب الإخوان دروس التاريخ التى انتهت بفضح الكذابين وزوال أساطيرهم، وأشهرهم "جوزيف جوبلز" وزير دعاية هتلر الذى سوق جرائمه للألمان وأنه المنقذ وصاحب المقولة الشهيرة "كلما سمعت كلمة مثقفين أتحسس مسدسى"، واستخدم أسلوب "اكذب حتى يصدقك الناس" لتحطيم الروح المعنوية للخصوم والوصول بهم إلى حافة التشكيك واليأس، ورغم أنه استطاع أن يسوق فى ركابه عشرات الملايين من الألمان، إلا أنه لم يصمد وانقلب السحر على الساحر وانهارت مدرسته السياسية فى الدعاية الرمادية الكاذبة، وأقدم على الانتحار هو وزوجته وأطفاله الستة فى الفصل الأخير من الحرب العالمية الثانية.
لن يصمد ما تبقى من إدعاءات الإخوان وتولت لدى الناس حاسة كشف الكذب، ولا يمكن أن يصدق أحدا أن مذبحة كرداسة البربرية - مثلا - هى دفاع عن الشريعة والشرعية، بل جريمة وحشية نازية لا تقرها الأديان وتستنكرها الشريعة الإسلامية، وتزيد من إصرار مصر والمصريين على المضى فى الحرب ضد الإرهاب حتى نهايتها، ولم يعد أحد مقتنعا بالسلمية المخضبة بالدماء وأرواح الشهداء وسحل الجثث والتمثيل بها، ولن يصدقهم سوى أهلهم وعشيرتهم وجناحهم العسكرى، ومهما ابتكروا من وسائل الكذب والتضليل، فالوجوه البشعة لا تنفع معها عمليات التجميل.