د. نعمان جلال

السياسة الخارجية وإدارة الأزمة الراهنة فى مصر

الجمعة، 23 أغسطس 2013 08:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد شهدت مصر حملة دولية مكثفة قادتها الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية التى تسير فى ركابها من الدول الأوروبية وتركيا، بل الأغرب فى ذلك تصريحات صدرت من دول إسلامية وعربية لا تدرك أنها سوف يأتى عليها الدور إذا لا قدر الله انهارت مصر.

ولم يشعر كثير من المواطنين والقوى السياسية، أن إدارة العمل الخارجى لمصر كانت على مستوى الأحداث فى نشاطها من حيث سرعتها ومضمون تحركها، فقد أصدرت تركيا عدة بيانات من وزير خارجية ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية واستدعت فرنسا سفير مصر وتحدثت معه بلهجة قاسية وشديدة، وفعلت دول أخرى نفس الشىء، بالطبع التصريحات الفرنسية والألمانية والأمريكية، وكذلك المواقف التركية زادت عن الحدود المعقولة فى التعامل بين الدول ذات السيادة، وتتناقض مع مبادئ القانون الدولى وميثاق من الأمم المتحدة، بل إن أستراليا التى عادة تتسم بالعقلانية فى علاقاتها مع قضايا الشرق الأوسط تزعمت مع فرنسا وبريطانيا الدعوة لعقد جلسة لمجلس الأمن ولم يلمس المواطنون أية فعالية حقيقة لدور الخارجية المصرية فى أزمة مصيرية للدولة ودون متابعة مهنية فعالة لإعمال مجلس الأمن فى جلسته التشاورية.

ولهذا فإن عدداً من الأحزاب والقوى السياسية طالبت الحكومة بالتعامل الإيجابى الفعال والرد على التدخلات الأجنبية فى الشأن المصرى، فضلا عن مطالبات عديدة من قبل كثيرين فى القنوات الفضائية.

أن المطلوب أن تشكل لجنة إدارة الأزمة على مستوى مجلس الوزراء، ويمكن أن يتولاها شخصية تتمتع بالديناميكية مثل الوزير السابق عمرو موسى أو ذات نشاط وطلاقة فى الحوار مثل الدكتور مصطفى الفقى.

فالموقف لا يحتاج الدبلوماسية الهادئة الرزينة المتعقلة والمتروية، لأن عالم اليوم بتطوراته وأحداثه السريعة، وعمق الأزمة، وضخامة الهجمة الدولية على مصر أكبر من تواجه بالدبلوماسية الهادئة فلكل مقام مقال ولكل فعل رد فعل موازٍ له فى القوة مضاد له فى الاتجاه، هذا القانون الفيزيائى ينطبق أيضاً على السياسة، وعلى سبيل المثال نجد بين الصين وأمريكا مصالح كثيرة وخلافات أيضا ولا تترك الصين أى نقد أمريكى دون الرد عليه بنقد مضاد، حتى بإصدار تقرير رسمى عن مدى انتهاك الولايات المتحدة لحقوق الإنسان.

ودولة مثل البحرين تواجه تحديات عديدة ولكنها لا تترك موقفاً أو تصريحاً من إيران يمس سيادتها إلا ترد عليه، وهكذا هى السياسة وضرورة والحفاظ على المصالح الوطنية، لقد جاء الرد المصرى باهتا فى الرد على الدول الأوروبية، ويكاد يكون معدوما فى الرد على الموقف الأمريكى، ما عدا بيان الرئاسة رداً على التصريحات والمؤتمر الصحفى للرئيس أوباما، ولاحظ المجتمع المصرى بقدر كبير من الإشادة المؤتمر الصحفى للدكتور مصطفى حجازى مستشار الرئيس الذى اتسم بالقوة فى التأكيد على مبادئ مصر وسياستها والدفاع عن أمنها وترابها الوطنى وعن شعبها، مما أظهر للجميع وجود كوادر مصرية متميزة فى الأداء وتعبر عن مصداقية عن مصالح الشعب والوطن.

إننى لا أدعو للدبلوماسية المتهورة أو التى لا تقوم على الكياسة والأدب فى التخاطب ولا للرد على دول تعيش فى أوحال الإرهاب والفساد والقمع بنفس تصريحاتها ضد مصر، ولكن أدعو إلى أن يكون فى الخارجية مؤتمر صحفى يومى على الأقل للإعلاميين المصريين والأجانب، طوال فترة الأزمة، فضلاً عن الانفتاح والتواصل الدبلوماسى على أرفع المستويات مع القوى الدولية المهمة وفى مقدمتها روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ونيجيريا وإثيوبيا وغيرها، وإننى لعلى ثقة بأن وزير الخارجية وسفراء مصر وكوادر السلك الدبلوماسى قادرون على القيام بهذه المهام، ولكن فى نفس الوقت يمكنهم أيضا الاستعانة بمراكز الأبحاث والجامعات وشخصيات دبلوماسية ذات مكانة دولية أمثال عمرو موسى ومحمد شاكر وعبد الرؤوف الريدى ووهيب المنياوى وأحمد حجاج وفايزة أبو النجا ومصطفى الفقى وغيرهم لكى يقوموا بجولات سريعة للدول المختلفة كمبعوثين شخصيين للرئيس ويتحاورن مع وسائل الإعلام، فالعمل السياسى الخارجى عمل متكامل ومتناغم ومصلحة الدولة والشعب والوطن ليست حكرا على أحد، فالمسألة ليست سهلة، خاصة فى ظروف الأزمة الكبرى التى تشهدها مصر الآن والعمل التطوعى التكاملى مهم ولعلنا نتذكر نكبة مصر فى الحصول على المونديال عندما احتكرت أجهزة معينة العمل والنتيجة معروفة بخلاف حالة جنوب أفريقيا التى كان اللوبى يقوده الرئيس الأسبق مانديلا شخصيا فضلا عن كافة قوى المجتمع ونفس الشيء حدث مع إدارة أزمة طابا بتشكيل لجنة قومية فى مصر آنذاك. أن الخطر المحدق بمصر اكبر من وزارة الخارجية أو وزارة الإعلام أو أية وزارة بمفردها أن الأمر يحتاج لعمل جماعى على مستوى قومى شامل ومتابعة لحظة بلحظة للأحداث والرد عليها.

إن الشعور بالتقدير لخادم الحرمين الملك عبد الله لبيانه الهام عن مصر وإيفاده وزير خارجيته الأمير سعود الفيصل للتحاور مع الجانب الفرنسي،كبير وعارم بين صفوف المسئولين والشعب المصرى بوجه عام، كذلك مساندة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين وأمير الكويت والإمارات العربية المتحدة ومملكة الأردن لمصر مساندة حازمة وغير مترددة، لهم جميعا الشكر والتقدير الذى سوف يسجله لهم تاريخ العلاقات العربية بأحرف من نور.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة