1 - توقعت للأسف دما أكثر مما جرى ويجرى فى مصر.. فعام حكم الإخوان جعل من الجماعات الإرهابية فى سيناء مواطنين، وجعل من سيناء وطنا لهم!
وبعيدا عن سيناء استطاعت جماعة الإخوان ضم أعداد هائلة لها من الشباب والفقراء، إغراء بوظيفة أو مستقبل هنا أو هناك فى بعض الأعمال. والأهم من ذلك كله أن جماعة الإخوان منذ نشأتها لاترى شعبا غير أعضائها، ولا وطنا إلا فكرتها، الخلافة الاسلامية، بعد أن انتهت فى تركيا قبل ظهور الجماعة بست سنوات.. وعندما يتحكم فريق، أو طائفة فى الحقيقة، لا ترى شعبا غير أعضائها، ولا وطنا غير أفكارها فهل تنتظر منها خيرا للبلاد والعباد؟.. بل هل رأيتم من مرسى خيرا خلال العام الذى كان أكبر إنجازاته فيه دستورا رجعيا يؤخر البلاد آلاف السنين، وتعيين نائب عام يخرجهم من كل القضايا الممكنة، ومذبحة الاتحادية، وغيرها من المذابح فى سيناء، وما جرى للشيعة من قتل على الهوية الدينية.. أى مراقب لما فعله الإخوان خلال سنة حكمهم كان لابد أن يدرك أنهم يستعدون ليوم كهذا اليوم الذى يمتد أمامنا ولا ينتهى.. والسؤال البسيط جدا: لماذا يفعل الإخوان المسلمون ذلك وقد اختاروا العمل بالسياسة وكونوا حزبا ووصلوا بالديمقراطية إلى الحكم؟.. لماذا لم ينصاعوا إلى مطالب الثورة من انتخابات مبكرة، وإلغاء وزارتهم، وغير ذلك مما صار الكلام فيه قديما.. السبب طبعا هو اللعبة القذرة التى يجيدون لعبها. يشتركون معك فى السياسة حتى إذا اعترضت على شىء انتقلوا للدعوة الدينية، وقالوا لك أنت تعترض على الإسلام.. نحميك يا إسلام، كان الشعار الأكبر المرفوع فى اعتصامى رابعة والنهضة، وفى كل عمليات الاغتيال التى قاموا ويقومون بها، حتى أنهم حين يمثلون الآن بالجثث يفعلون ذلك من أجل الإسلام!.. باختصار هذه نهاية المزج بين الدين والسياسة فى أى عصر، وأى مكان. إذن الدم الذى كان واضحا أنه قادم وسوف يستمر سيقل فى الأيام المقبلة مع الضعف الذى بدأ يظهر عليهم، ومع قيام الناس ضدهم أكثر من قيام الشرطة أو الجيش، لكنه سيستمر لوقت قريب.. وسيكون بعد ذلك حالات فردية هنا وهناك.. وأول ما يجعل الوقت ليس طويلا هو التخلص نهائيا من الإرهاب والجماعات الإرهابية فى سيناء.. وثانى ما سيجعل الوقت قريبا هو أن تستمر الحكومة والرئاسة فى عملها العادى فى تنفيذ خريطة الطريق. تنفتح المناقشات حول ما انتهت لجنة تعديل الدستور، والانتهاء منه، والاستفتاء عليه، دخولا فى مرحلة الانتخابات النيابية. ومن المهم قبل الانتهاء من الدستور كما قلت وأقول دائما أن يعرف واضعوه أن التوافق عليه لا يعنى التوافق على مصالح الفئات المختلفة المشاركة، لكن يعنى التوافق على مستقبل حقيقى شعاراته الحرية والإخاء والتسامح والمساواة وحقوق البشر.
-2 يدور الحديث الآن واضحًا لا لبس فيه حول أن ثورة 30 يونيو لم تكن تصحيحًا لثورة 25 يناير كما افترض شباب الثورة وهم يدعون لها.. أى عودة بالثورة إلى طريقها الطبيعى.. ثورة بدأها التيار المدنى وضحى فيها أكبر مما ضحى غيره بمئات المرات خلال يناير 2011 ثم سرقها منه التيار الدينى - المستخدم للدين طريقا سهلا لتغييب العقول فى الحقيقة - وبعد تجربة عام مع لصوص الثورة بدا أنه لا فائدة إلا من نزعها منهم أو نزعهم منها. ولأن الثوار منذ البداية سلميون رفعوا شعار تمرد وخرجوا يطلبون الانتخابات الرئاسية المبكرة بالمزامير. لكن الامر اتخذ منحى آخر. تصادم الإخوان مع الدولة العسكرية والبوليسية التى أخذت جانب الثورة بوضوح.. وظهر الكثيرون من رجال عهد مبارك يباركون 30 يونيو ويلعنون 25 يناير وبعضهم اعتبرها مؤامرة على البلاد. 30 يونيو هو الثورة ولا يقولون السبب عندهم وهو طبعا اشتراك الجيش والشرطة فيها.. الإخوان العميان الذين لا يرون غير أنفسهم اندفعوا فى العمليات الإجرامية. قتل وسحل واغتيال وتعذيب وغيره وهنا صار الحوار واضحا. العسكر أم الإخوان. عدنا للمربع الأول لكن بعد أن فشل الرهان على الإخوان.. وأى شخص رأى ما فعله الإخوان وما يفعلونه يقول لك على الفور العسكر. وهكذا خرج من المقارنة شباب الثورة الذين فجروها للمرة الثانية، تماما كما خرجوا من قبل.. وكما جرى مع ثورة يناير جرى مع ثورة يونيو. بل بدأ الشباب يخوّنون بعضهم ويتهمون بعضهم اتهامات لا معنى لها. بالنسبة لى أرى ببساطة أن دولة مبارك لا يمكن أن تعود كما كانت مهما بدا من قوة الشرطة، كذلك الدولة الليبرالية التى تتبنى شعارات الثورة لن تتم كاملة.. لكن مع خروج الإخوان من المشهد يمكن الحوار بين بقية القوى.. لا يمكن للدولة الجديدة أن تعود للصراع مع الثورة على نفس طريقة الصراع مع الإخوان لأن الثورة الحقيقية من يومها سلمية ولأن العالم لن يصبر على مصر مرتين! فى الاولى لم تكن الصورة واضحة لكن فى الثانية ستكون واضحة جدا لذلك أستبعد أن تسرق الثورة مرة أخرى إلا إذا أراد شباب الثورة ذلك مرة أخرى بابتعادهم عن مراكز التأثير على الناس بعد كل عملية كبيرة يقومون بها.
-3 هل هناك مستقبل الآن لجماعة الإخوان؟ لا.. انتهت هذه الجماعة إلى الأبد ولن تقوم لها قائمة لأن الشعب هو الذى أراد وهو الذى يفعل هذه المرة مع الشرطة والجيش.. التعاطف القديم لأن الانظمة السياسية تضطهدهم انتهى وهذا أسوأ ما فعله الإخوان خلال حكمهم.. كرّهوا الناس فيهم! وما يفعلونه الآن يزيد هذه الكراهية ويعمقها.. هل لم يكن الإخوان يدركون ذلك؟ لا.. لأنهم كما قلت على طول تاريخهم الطائفى لا يرون غير أنفسهم والأهم أنهم قاموا بترتيبات كبيرة مشبوهة مع أنظمة مثل تركيا وأمريكا جعلتهم يتوحشون فى نكران وجود آخرين غيرهم فى البلاد.. وحتى تحقق ذلك علينا عمل ما لم نفعله من قبل وهو العدالة الانتقالية. لا يجب أن يحاكم الإخوان محاكمات وفقا للقانون العادى ولا محاكمات عسكرية أيضا.. عدالة انتقالية، وهو ما لم يفعله مرسى فأضاع كل دم الشهداء وأضاع أشياء كثيرة. فليشرب من الكأس التى جرعها للثورة وشبابها وأهل ضحاياها وشهدائها.. المحاكمات العادية تطويل لا معنى له وفرجة تصبح نكتة فى النهاية فيأتى اليوم الذى يخرج فيه جميع المتهمين كما يحدث منذ بداية الثورة الأولى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة