زينب عبداللاه

أنا عدوك الصحفى

السبت، 24 أغسطس 2013 10:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن كنت من الكثيرين الذين يصبون غضبهم على الإعلام والصحافة والصحفيين ويحملونهم أخطاء غيرهم، وإن كنت ممن يطلقون أحكاما عامة وسهلة يقررون فيها مسئولية الصحفيين عما نعيشه من أحداث دامية ويعتبرون الصحفى عدوا ينهالون عليه هجوما أو تطاولا وضربا إذا ما صادفوه فى مظاهرة أو تجمع، فالسطور التالية تمنحك بعض المعلومات عن عدوك الصحفى الذى لا تعرفه.

فهذا أنا عدوك الصحفى البسيط الذى يحظى بنصيب كبير من الشقاء والفقر والمتاعب ينتظر مثلك بداية الشهر والراتب البسيط، ويعمل ساعات طويلة كى يعيش مستورا دون أن يقترب من الثراء، بينما لا يعرف طريق الشهرة والنفوذ والثراء إلا القليل ممن يصعب أن تراهم فى أرض الأحداث الساخنة.

هذا أنا عدوك الصحفى ملح الأرض وملح هذه المهنة التى أدفع فيها ثمن أخطاء غيرى، يعادينى دائما من يريد إخفاء الحقيقة، أتعرض للضرب والقنص والقتل، سواء على يد الإخوان أو الشرطة، فأنا دائما هدف لمن يريد إخفاء الحقيقة.

هذا أنا عدوك الصحفى الذى لا تراه على شاشات الفضائيات متحدثاً، ولكنك تراه فقط وسط الأحداث الساخنة يحمل سلاحه الوحيد كاميرا أو قلم يجوب بهما الأماكن الخطرة ويقترب من النيران وقد يدفع حياته ثمنا لصورة تظهر الحقيقة أو يدفع نور عينيه كى يوثق حدثا.

فهذا أنا عدوك أحمد محمود الصحفى بالأهرام الذى استهدفه قناص فى ثورة 25 يناير فسقط شهيدا تاركا طفلته يتيمة وهو يحاول توثيق الحقيقة بعين الكاميرا، وعدوك أحمد سعداوى المصور الصحفى بالجمهورية الذى لعلك شاهدت الكثير من صوره التى وثق فيها أحداث الثورة وجرائم النظام دون أن تدرك أنه دفع نور عينه قبل ان يكمل عامه الثلاثين ثمنا لهذه الصور كى يظهر وحشية نظام يحصد أرواح وعيون من يحلمون بالحرية.

هذا أنا جيهان نصر المصورة الصحفية البسيطة بالشروق، وهذا أنا أية حسن محررة فيديو 7، وهذا أنا محمد ممتاز الصحفى الشاب فى جريدة فيتو، جميعنا تعرض للضرب والتعذيب أثناء تغطية اعتصام النهضة، وهذا أنا أحمد عبد الجواد الصحفى بالأخبار الذى نلت الشهادة وأنا أؤدى عملى أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، وهذا أنا تامر عبد الرؤوف الصحفى بالأهرام الذى استشهدت برصاصة فى الرأس وأنا أؤدى عملى وقت الحظر، فهذا أنا عدوك الصحفى ضحية كل عصر وكل نظام.

هذا أنا عدوك الصحفى مهمتى أن أكتب عنك بينما لا تكتب الأقلام عنى إلا حين أموت، ولا يحدث هذا فى كل الأحوال فكثير منا مات سعيا وراء الحقيقة دون أن يحظى بأى اهتمام.

هذا أنا عدوك الصحفى الذى قد ترانى فى مظاهرة أو اعتصام فتهاجمنى وتتهمنى بتزييف الحقيقة دون أن تدرك أن التزييف أسهل بكثير وأنا جالس على مكتبى دون أن أعرض نفسى للخطر، ودون أن أنزل إليك ودون أن تنتبه للحظة إلى أن من يريد تزييف الحقائق لا يحتاج أن ينزل للميدان.

هذا أنا عدوك الصحفى ومثلى الآلاف من زملائى، كثير هو نصيبنا من الفقر والشقاء والاجتهاد والسعى وراء الحقيقة، وقليل نصيبنا من الشهرة والمال والنفوذ، فنحن لا نجيد التملق والنفاق ولكننا دائما ندفع ثمن أخطاء غيرنا ممن يجيدون هذه الأساليب، نقف دائما على خط النار نبحث عن الحقيقة وسط الأخطار بينما يغيب هؤلاء المتلونون.

هذا أنا عدوك الصحفى الذى أعرف أن حسابى عند الله سيكون أشد من حسابك فالكلمة عندى كما وصفها المبدع عبد الرحمن الشرقاوى فى رائعته "الحسين شهيدا" الكلمة نور وبعض الكلمات قبور.

أعرف أن دين الله هو الكلمة وشرف الرجل هو كلمة ومفتاح الجنة فى كلمة ودخول النار على كلمة وقضاء الله هو الكلمة، وأدرك أن للكلمة حرمة وأن الكلمة فرقان ما بين نبى وبغى.

هذا أنا المقتول فى كل العصور أحمل روحى على كفى ويسيل دمى حين يسيل دمك ويؤلمنى أن ترانى عدوك الصحفى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة