د. محمد شومان

البعد الواحد فى التغطية الإعلامية

الأحد، 25 أغسطس 2013 05:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«أوعى» تصدق أنك «شفت» أو فهمت حقيقة اشتباكات يوم فض الاعتصام.. وما بعدها من مظاهرات ومعارك شوارع، وعمليات إرهابية وحظر تجوال، وبغض النظر عن موقفك وخوفك على مصر ومع كامل التقدير لجهود الزملاء الإعلاميين «سقط عدد منهم شهداء وجرحى» نفتقر إلى تغطيات إعلامية - مصرية أو أجنبية - دقيقية أو مهنية، لأن الاستقطاب والتحيز سيد الموقف، ويهيمن على اختيارات الميديا، وفرق التصوير والعمل فى الشوارع والميادين، علاوة على قيود يفرضها الأمن والمتظاهرون أنفسهم!!

لكن المدهش أن التحيز فى التغطية الإعلامية والاستقطاب وعدم دقة المعلومات يقدم فى دراما تحقق متعة الفرجة للجمهور، فالكاميرات تتابع الجنود والمدرعات والسيارات تتحرك، والطائرات وهى تحلق فى السماء، والمعتصمين والمتظاهرين يتحركون أو يتحدثون، وجانبا من الصدامات والمعارك، ولكن من بعيد.. كل هذه المشاهد الشيقة تعرض باستمرار من دون أن نرى حقيقية ما يجرى، ورغم سيل الصور والمشاهد التى لا تتوقف فإننا لا نرى الحقيقة، ولا نشاهد أغلب الأحداث.. والأهم لا نستطيع فهم سياق الأحداث رغم مسرحة الأحداث وتقديمها فى صيغة شيقة. مسرحة الأحداث الدموية تجرى من جانب واحد لتحقق متعه زائفة بالفرجة، لأنها تجرد المشاهد من إنسانيته وتقدم له الأحداث وحتى المشاعر من جانب واحد، ولصالح موقف الطرف الممسك بالكاميرا وصاحب القناة، والغريب أن المسرحة الزائفة للأحداث تقدم مشاهد تتشفى فى الخصم، وتحاول إشعار المشاهد بالانتصار، وفى مشاهد أخرى تنتقل الكاميرا بين حطام الكنائس والمبانى الحكومية ووجوه المصابين فى المستشفيات أو أهالى القتلى والجرحى، ولكن من وجهة نظر واحدة، فالمعاناة التى تظهر على الشاشة هى لقتلى وجرحى الجيش والشرطة والمواطنين الأبرياء الذين سقطوا نتيجة عنف وإرهاب الإخوان، أما جرحى وقتلى الاعتصام فمن النادر أن نراهم على شاشات القنوات العامة والخاصة، لكن حضورهم ثقيل ومتكرر، ومبالغ فيه على قنوات الجزيرة والقنوات الغربية التى ثبت تحيزها، وعدم مهنيتها فى تغطية الأحداث.

ومع حظر التجوال بات المصريون أسرى التليفزيون وفعل الفرجة الذى لا يعنى رؤية الحقائق كما لا يقود إلى الفهم.. فكثير من الصور والمشاهد تأتى من دون سياق ومن وجهة نظر الكاميرا والقناة التى تبث الأحداث، وثرثرة المعلق أو المراسل.. ومع ذلك تتوهم أنك تعيش الأحداث لحظة بلحظة وتراها وتفهمها والمفارقة أن أعداد المعلقين والخبراء الذين يجلسون فى الاستوديو تفوق أعداد المراسلين، والوقت المخصص لهم، ما يعنى فقر التغطية الإخبارية واعتمادها على الرأى والتنظير على حساب نقل الحقائق من مواقع الأحداث من خلال شبكة مراسلين، لكن أوهام المتابعة المباشرة للأحداث ومعرفتها لا تكتمل إلا عندما تقنع نفسك- وأنا معكم طبعا- أننا نعيش الأحداث، ونفهمها، لأننا مواطنون نعشق مصر ونخاف عليها ومهتمون بالشأن الوطنى، لذلك نتابع بدقة كل التفاصيل ومن عدة قنوات، بدليل أننا متمترسون أمام الشاشة أغلب ساعات اليوم!! ونشاهد كما هائلا من صور الموت والدمار ما يزيد من مخاوفنا وهمومنا على مستقبل الوطن، طيب ما الحل؟ بصراحة لا يمكن أن أدعى شخصيا أننى سأتوقف عن مشاهدة القنوات، ووضع نهاية للعيش فى هذه الأوهام، بل سأواصل لعبة التليفزيون المسلية والمبهرة، فلا بديل عنها فى أثناء حظر التجوال، وسأواصل أيضا المطالبة بتغطية متوازنة متعددة الأبعاد، بحيث تنقل كل وجهات النظر ومختلف المواقف، وتقضى على تزييف وعى المشاهدين والتلاعب بمشاعرهم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة