كطفل أخذوا منه لعبته، يصرخ رجب طيب أردوغان، بعد أن حرمه الشعب المصرى من لعبته «مرسى»، يصيح «ماليش دعوة أنا عايز اللعبة» يرفص ويجعر وينخر ويعبعب، يدخل فى الحالة الهستيرية فيتقمص دور هتلر، يخطب فى وسط أتباعه فترى الزبد خارجاً من فمه ماديا ومعنويا، يهيج الحمار الوحشى، فترى خطط المؤامرة على ظهره واضحة للجنين فى بطن أمه، يشتم ويشتم ويشتم، فيظن أنه البطل المغوار الذى لا يقهر، أسمعه وهو يطفح الغل من بين أسنانه، فأتذكر جمال عبدالناصر الذى قال ذات مرة معلقاً على سب هيئة الإذاعة البريطانية له: هما بيشتمونى ويقولو عليا جزمة، إنتو اللى جزمة وولاد ستين جزمة، وأتخيل أن «ناصر» يقولها الآن لأردوغان.
يترفع المصريون عن مبادلة شتيمة أردوغان بشتيمة، لكن من الواضح أن هناك أنواعا من البشر ينتابهم شعور كذلك الذى ينتاب الكلاب الضالة فى الشوارع المظلمة، إذ يظن الكلب أنه ملك الشارع بنباحه وسعاره، غير مدرك أنه مهما علا أو ارتفع صوته فهو مجرد «كلب» غاية ما يأمله هو أن يقف حارساً على جيفة الغرب، معتبراً أنها أملاكه الخاصة، بينما دوره لا يزيد عن كونه قفازا بيدى أمريكا التى راهنت على ضم دول الربيع العربى إلى حظيرتها بقيادة تركيا.
آخر سفالات الطاغية العثمانى الذى جثمت بلاده على أنفاس مصر ما يقرب من أربعة قرون تنهب ثرواتها وتعب من خيراتها وتنكل بشعبها هو التطاول على الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر «أحمد الطيب» قائلاً بسفالة غير مسبوقة إن التاريخ سيلعن شيخنا لأنه لم يقف بجوار مرسى، وكأن مرسى هو الإسلام أو هو الله الذى يبشر مخالفيه باللعنة، وهكذا يقلب أردوغان الآية، ويعتبر الوقوف فى وجه حاكم ظالم جريمة، والرد على انقلاب الإخوان على الديمقراطية «انقلاب» وكأنه يخير شيخ الأزهر الشريف بين أن يقف مع تابعه الظالم فيكون بذلك فقيها للسلطان بحق أو أن يتجرأ على الله ويدعى أن الله سيلعن شيخنا الكريم.
لا يعرف رئيس وزراء تركيا أن الشعب المصرى أصبح على علم تام بأن دفاعه عن مرسى، وإن اتخذ ستاراً إسلامياً ديمقراطياً زائفاً، هو فى الأساس دفاع عن المصالح التركية والمال التركى فى القاهرة، فقد تعاقدت الجماعة مع تركيا على توريد بضائع وأسلحة بمليارات الجنيهات، وهو الأمر الذى كان من شأنه أن يعود بالازدهار على تركيا، وبالخراب على شعب مصر، لتصبح مصر سوقا مفتوحا للمنتجات التركية ويتم تخريب الصناعات الوطنية.
لا يعرف أردوغان أنه بتطاوله على شيخنا الكريم إنما يحفر قبراً من المذلة لنفسه وبنفسه، لأنه بهذا التصريح الأحمق الغبى لا يعادى فصيلاً سياسياً أو فئة حاكمة فحسب، وإنما يعادى شعباً بأكمله يرى فى شيخه الكريم رمزاً من رموز الإسلام وحصنا من حصون الدولة المصرية، وهو الأمر الذى لا يتحمله أردوغان الذى كان يريد أن يجعل مصر تابعة ذليلة لا دولة ذات سيادة وكلمة، لنعيش مرة أخرى فى عصر من أحط عصور التاريخ المصرى، وقت أن كان قرارنا ينبع من الأستانة، ومصيرنا معلق بأهواء السلطان العثمانى، وخيراتنا ممتدة على موائد تركيا، وهو الأمر الذى كان يضمنه حكم الإخوان الإرهابيين الذين شاء الله أن يفضحهم من حيث لا يحتسبوا، بأن يظهر فى إحدى نشرات الجماعة على الصفحة الرسمية لحزب الحرية والعدالة أن كاتب النشر يقيم فى إسطنبول، فى مشهد يكشف حقيقة الدور التركى الأسود فى تخريب الدولة المصرية التى ستظل حرة ذات سيادة رغما عن أنف الجميع.