ماذا جرى لحزب النور السلفى، وما كل هذه المراوغات والميوعة السياسية فى المواقف الأخيرة منذ 30 يونيو، وعلى ماذا يراهن الحزب الذى خرج من كهوف الظلمة والعتمة، ومتابعات ومضايقات أجهزة الأمن إلى نور الحياة السياسية فى مصر بعد 25 يناير.
حزب النور يحيط نفسه بالريبة والشبهات، بسبب المواقف المترددة من ثورة 30 يونيو، وخارطة الطريق السياسية فى 3 يوليو، فالحزب شارك فيها منذ البداية، ويبدو أنها كانت مشاركة على مضض، وليست خالصة النوايا رغم التصريحات العلنية لبعض قيادات الحزب، وجاءت أيضا لأغراض سياسية عديدة، منها وراثة الدور السياسى للإخوان، والصعود إلى منصة القيادة لأحزاب وتيارات الإسلام السياسى، رغم أن الحزب كان- ومازال- واقفا فى المنطقة الوسطى بين الانحياز الكامل والواضح والصريح لثورة الشعب، وبين تعاطفه المستتر لجماعة الإخوان تحت شعارات خادعة من نوعية «المصالحة، وعدم الإقصاء، وكل الدم المصرى حرام». فالحزب مازالت لديه رهانات سياسية معينة، ولا يريد أن يفقد كل شىء مثل الإخوان بعد أن تحول فجأة إلى حزب سياسى له تواجده فى المشهد السياسى المصرى، واستوعبته الجماعة الوطنية المصرية، رغم بعض الشطط فى مواقف الحزب، وفتاوى المنتمين إليه.
وإذا كان حزب النور يرى أن المراوغة، وإمساك العصا من المنتصف، وفتح خطوط اتصال مع الأمريكان ومع السفيرة آن باترسون، هى أنسب السياسات له حاليا، فعليه أن يعيد حساباته، وترتيب أوراقه، ويعى خطورة هذه اللعبة، فالشعب لن يقبل من يراوغه بالميوعة السياسية فى مواقفه، أو من يمارس عليه الاستعلاء والعناد مرة أخرى، وسيلقى مصير جماعة الإخوان وحزبها. والتستر خلف موقف الدفاع عن الإسلام، والهوية الإسلامية فى الدستور لن يفيد الحزب فى جنى مكاسب سياسية، أو الضغط على باقى القوى السياسية والدولة الجديدة لإنقاذ الإخوان، وما تبقى من فلول تيار الإسلام السياسى فى مصر، فحزب النور لم ينصبه أحد وكيلا رسميا وحصريا للإسلام، أو للهوية الإسلامية للدولة المصرية، وليس له فضل على وجود المادة الثانية فى الدستور، فالإسلام حاضر فى مصر قبل أن تظهر تلك الأحزاب التى تدعى زيفًا ونفاقًا حرصها الشديد عليه، وسيبقى بعدها دينًا وسطيًا سمحًا، وليس دينًا عنيفًا دمويًا مثلما أرادوا إظهاره بأفعالهم الإرهابية.