يمكن التماس الأعذار لبعض المخدوعين المضحوك عليهم مرة أو مرتين، لكن من يستعذب الضحك عليه مرات يستحق العلاج وليس التعاطف. لا نقصد الإخوان وقياداتهم، ومشتملاتهم من المستفيدين والمتربحين والمصفقين، وإنما الأبرياء العاديين ممن ليسوا إخوانا وإنما بيحترموهم أو يؤيدوهم.
لو كان الأبرياء صدقوا قيادات الإخوان وأحلامهم وفشراتهم اليومية مرة أو مرتين، لكان مقبولا، لكن استمرار الكذاب والنصاب ينصب، ثم يجد من يصدقه، فهذا يعنى أنه يقول «اخدعنى أرجوك». قد يصاب المواطن العادى بحالة من الدهشة المخلوطة بالرعشة وهو يرى بعض مؤيدى الجماعة لا يعترفون بأخطاء فادحة وقعت خلال عام من السلطة. ومازالوا يتدلهون فى ذكرى رئيس سابق فاشل عاش ورحل خارج التاريخ والجغرافيا، ولو راجع هؤلاء الألتراس خطب الدكتور مرسى لاكتشفوا العلاقة بين الفشل والإصرار على الفشل.
اليوم مايزال هناك مواطنون يحبون تصديق الأكاذيب، ويفضلون من يخدعهم، ولو لم يتعرضوا للخداع لبحثوا عمن يخدعهم ويضحك عليهم. وسوف تجد من يكذب عينيه ويصدق النصاب، وهو ما يفسر لماذا يجد النصابون دائما زبائن وضحايا، لأنهم يريدون فى عقولهم الباطنة أن يصدقوا وأن يضحك عليهم. تماماً مثلما يوجد هناك بشر يحبون من يعذبهم ويضربهم وهو ما يعرف بالمازوكية أو تعذيب الذات. هؤلاء يحبون من ينصب عليهم ويقدرونه، ويحلمون به ويعتبرون فشله إنجازا وعجزه فخفخة وتساميا على السياسات.
ومن دون البحث عن تفسيرات نفسية وعصبية للمخدوعين، من الصعب تفسير ما يجرى فى سيرك البلياتشو. منصة رابعة العدوية أو النهضة، تكشف لنا عن خلطة التلاعب والخداع والحاوى والبلياتشو، قيادات تخرج يوميا لتقول نفس الكلام، بطرق مختلفة، ونفس الناس يصفقون بنفس الطريقة، ثم تأتى فقرات الأحلام والأضغاث، التى يقدمها أساتذة مزعومون وخطباء نصابون، مثل تاجر الأحلام عبدالهادى الوكيل الرسمى للمنامات الذى ينتحل صفة أستاذ تاريخ، ولا يجد هو ولا غيره من كذابى الزفة خجلا، يكذبون على الله وعلى الرسول، فهذا المزعوم عبدالهادى من اخترع منامات الحمامات على كتف مرسى، وزعم أن الرسول قدمه ليصلى به، ووصل بهم الكذب لأن يعلنوا أن جبريل نزل رابعة العدوية، وأن الملائكة تعيش معهم، وكلما شعروا بالمأزق، ورغبة الأبرياء فى الانصراف أطلقوا شيوخ الكذب ليطلقوا المزيد من الحكايات والمنامات يضحكون بها على الأبرياء، ممن يحملون استعداداً فطرياً لتصديق الأكاذيب، وهم زبائن الجماعة وملحقاتها من تجار الدين، وهؤلاء يهمهم جيوبهم وتشغلهم أرباحهم، ولديهم الاستعداد لفعل أى شىء نصب وسرقة من أجل هذه المصالح. وقد اعتادوا أن يتكسبوا من الكذب وتجارة الأوهام. ولهذا فإن منصات الاعتصامات تزدحم بكبار النصابين والممثلين، الذين يواصلون بث كذبهم ليل نهار، لأنهم يكسبون من هذه التجارة.
ولهذا يصرون على فشراتهم، التى لا تتحقق ويخترعون غيرها حتى يبقى الاعتصام مستمراً. قيادات لا تهتم بغير مصالحها، ولا تنشغل بهؤلاء المخدوعين الذين صدقوا وتم الضحك عليهم بدل المرة عشرين. وفى كل مرة يصدق الكذب ويستمر فى حالة المخدوع، هذا الشخص ولا شك مريض أو هو يصر على أن يخدعه الآخرون، كأنه يطلب منهم أن يخدعوه ويضحكوا عليه ويضربوه على قفاه ولهذا فهم فى حاجة إلى علاج عاجل وسريع لخيبتهم التى يصدقون فيها الكذب فى كل مرة.