فى أغسطس 1949 فارق الحياة الكاتب والروائى والناقد المصرى إبراهيم المازنى هو أديب احترف الصدق ولكنه لم يحترف التزويق صاحب حس مرهف، وأسلوب ساخر، يشيع فى كتاباته روح المرح التى اعتاد عليها رغم ما يعتريه من حزن داخلى، أديب يعتنى بالفكرة وبالتعبير عنها ولا يبالى الزخارف والقيود اللفظية، ذلك هو :إبراهيم عبد القادر المازنى الذى لم يسخر يراعه للأعراض المادية – طوال حياته – لأنه كاتب يعتز بذاته وبأدبه.
عرف المازنى كواحد من كبار الكتاب فى عصره واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من أن يوجد لنفسه مكاناً بجوارهم، على الرغم من اتجاهه المختلف ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربى والأدب الإنجليزى كغيره من شعراء مدرسة الديوان.
ولد المازنى فى 19 أغسطس 1890 فى القاهرة ويرجع نسبه إلى قرية " كوم مازن" التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية. تطلع المازنى إلى دراسة الطب وذلك بعد تخرجه من المدرسة الثانوية، ولكنه عندما دخل صالة التشريح أغمى عليه، فترك هذه المدرسة وذهب إلى مدرسة الحقوق ولكن تم زيادة المصروفات فى ذلك العام من خمسة عشر جنيها إلى ثلاثين جنيها، فعدل عن مدرسة الحقوق إلى مدرسة المعلمين. وعمل بعد تخرجه عام 1909 مدرساً ولكنه ضاق بقيود الوظيفة, حدثت ضده بعض الوشايات فاعتزل التدريس وعمل بالصحافة حتى يكتب بحرية كما عمل فى البداية بجريدة الأخبار مع أمين الرافعى، ثم محرر بجريدة السياسة الأسبوعية، رئيسا لتحرير جريدة السياسة اليومية، ثم رئيسا لجريدة الاتحاد كما عمل بجريدة البلاغ وغيرهم الكثير من الصحف الأخرى كما انتخب وكيلا لمجلس نقابة الصحفيين عام1941، كما انتشرت كتاباته ومقالاته فى العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية، وعرف عن المازنى براعته فى اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية فقام بترجمة العديد من الأشعار إلى اللغة العربية، وتم انتخابه عضواً فى كل من مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمى العربى بمصر.
يعد المازنى من رواد مدرسة الديوان وأحد مؤسسيها مع كل من عبد الرحمن شكرى، وعباس العقاد، عشق الشعر والكتابة الأدبية وعمل فى شعره على التحرر من الأوزان والقوافى ودعا كغيره من مؤسسى مدرسة الديوان إلى الشعر المرسل، هذا على الرغم من أننا نجد أنه غلب على شعرهم وحدة القافية، اتجه المازنى للنثر وأدخل فى أشعاره وكتاباته بعض المعانى المقتبسة من الأدب الغربى، وتميز أسلوبه بالسخرية والفكاهة، فأخذت كتاباته الطابع الساخر وعرض من خلال أعماله الواقع الذى كان يعيش فيه من أشخاص أو تجارب شخصية أو من خلال حياة المجتمع المصرى فى هذه الفترة، فعرض كل هذا بسلبياته وإيجابياته من خلال رؤيته الخاصة وبأسلوب مبسط بعيداً عن التكليفات الشعرية والأدبية. توقف المازنى عن كتابة الشعر بعد صدور ديوانه الثانى فى عام 1917 م، واتجه إلى كتابة القصة والمقال الإخبارى وتوفى فى القاهرة سنة 1949.
ومن مؤلفاته بشار بن برد وحصاد الهشيم وخيوط العنكبوت وديوان النقد بالاشتراك مع عباس محمود العقاد ورحلة الحجاز ورحلة إلى شعر حافظ والشعر غايته ووسائله وصندوق الدنيا وفى سبيل الحياة وقبض الريح ومن الأعمال القصصية إبراهيم الكاتب وإبراهيم الثانى وأقاصيص وثلاثة رجال وامرأة وع الماشى وصدر له ديوان المازنى فى جزأين 1913 و1915
فى 1 أغسطس أشدد عليه المرض وأنتقل إلى المستشفى وفى 12 أغسطس عام 1949 توفى إبراهيم عبد القادر المازنى فنعاه العقاد قائلاً "أن الدنيا قد أخلفت ظنك بالأمس على غير حق، وإنها لتخلف ظنك اليوم وهى على حق، فما أنت من ينسى وبين أبناء العروبة ذاكرون، وما أنت من يحسن إليه الناس بذكره وإنما يحسنون إلى أنفسهم كلما ذكروك"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة