أخطر ما يواجه الوطن الآن هو استسهال فض الاعتصام وشن حرب إبادة معنوية وتشويه ضد الإخوان، وللأسف قام الإعلام الخاص والعام بلعب دور كبير فى شيطنة الإخوان وتبرير استعمال العنف ضدهم، من دون مراعاة لحقوق الإنسان أو احترام لعقل وإنسانية القارئ أو المشاهد، والمشكلة أن حملة تشويه الإخوان قد تأتى بنتائج عكسية لدى قطاعات من الجمهور، كما توفر المظلومية التى يسعى إليها قادة الإخوان، ويحاولون استغلالها فى الداخل والخارج باعتبارهم ضحايا للجيش وعنف الشارع المغرر به من إعلام الفلول.
طبعا الحقيقة ليست كذلك، لكنها صحيحة جزئيا، فهناك جنرالات مقاهى وخبراء «إستراتيجيون» يقدمون عبر الميديا معلومات وآراء وخططا غريبة عن معتصمى الإخوان وأسهل الأساليب للقضاء على اعتصام رابعة والنهضة، والمفارقة أن هؤلاء الجنرالات إضافة لأغلب الأصوات فى إعلامنا لا تطرح بالمثل فض اعتصام التحرير والاتحادية، ولا تقدم وجهة نظر قيادات الإخوان أو تنقل صورا مقنعة بشأن الأسلحة المتوافرة فى اعتصام رابعة، ومنها كما قال أحد الخبراء صواريخ جراد!! وهنا سيقال إن معتصمى الإخوان يمنعون كاميرات القنوات الخاصة العامة من التصوير والعمل بحرية، وهذا صحيح لكن من الممكن أن تنقل قنواتنا وجهات نظر قادة الإخوان التى تبث عبر وكالات أنباء وقنوات أجنبية.
وسيقال أيضا إن تحيز ولا مهنية إعلامنا أقل بكثير من تحيز الجزيرة وأخواتها، وقد يكون هذا صحيحا، لكن لا داعى لأن نقلد الأسوأ!! ونغذى تيارا شعبويا كارها للإخوان قد يتحول إلى نزعة فاشية، لذلك لابد من التوزان فى التغطية الإعلامية والتأكيد على أن الإخوان ليسوا عدوا لابد من القضاء عليه أو استعمال العنف ضده كى يستسلم لشروط المصالحة التى يفرضها عليه الحكم الجديد، لأن الإخوان ليسوا شيئا واحدا، ولابد من التفرقة بين القيادة والأعضاء، فالقيادة فاشلة ومتطرفة وانتهازية، ولا يهمها مصلحة الوطن وأبنائه بقدر ما يهمها مصالحها الخاصة وفى مقدمتها الخروج الآمن خارج مصر وضمان عدم الملاحقة القانونية، أما أغلبية الإخوان فإنهم إخواننا فى الوطن الذين سقطوا منذ سنوات ضحايا تعليم فاشل وتثقيف دينى جامد وسطحى مما أوقعهم فى براثن قادة الإخوان، وواجبنا نحوهم هو الحوار وتقديم المساعدة كى يراجعوا أفكارهم ومواقفهم، ويجددوا من فكر مدرسة الإخوان ويبتعدوا عن لعبة الخلط بين الدعوى والسياسى، ويتحولوا إلى العمل السياسى.
وبالنسبة إلى فإن فض الاعتصام بالقوة المفرطة لن يشجع هذه المراجعات المعتدلة، بل قد يغذى تيارات عنف وتشدد تدفع أولا: إلى إعادة تنظيم اعتصام أو أكثر فى مكان آخر داخل القاهرة. ثانيا: التحول إلى العمل السرى وتبرير استخدام العنف وشن عمليات إرهابية ضد المواطنين والدولة ورموزها، ما يفتح الباب أمام احتراب أهلى أو على الأقل عمليات إرهابية فى سيناء والصعيد، لاشك أن الاقتصاد المتعب أصلا لا يستطيع تحمل تكلفة هذه العمليات الإرهابية.
إذن فض الاعتصام ليس هو الحل، لأنه مجرد حل أمنى لا معنى له إذا لم يترافق أو يأتى بعده حل سياسى يقوم على تشجيع شباب وقواعد الإخوان على مراجعة أفكارهم وتجديد خطاب الإخوان، وأشير هنا إلى أن كل الحلول الأمنية والمكاسب الاجتماعية التى استخدمها عبدالناصر لم تنفع فى مواجهة الإخوان وجماعات الإسلام السياسى، كما أن الحلول الأمنية والسياسية للسادات ومبارك لم تنفع أيضا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة