القيم والمبادئ لا تتجزأ. وحينما تقبل التجزئة فى مجتمع ما فاعلم أنك فى سوق بلدى لا فرق فيه بين تجارة المبادئ وتجارة البهائم. فالطبيعى أن يدافع المؤمنون بالحرية فى أى مجتمع عن حريات الآخرين قبل أن يدافعوا عن حرياتهم الشخصية، وإلا لأصبحت الحرية الوحيدة المضمونة هى حرية المغادرة أى حرية الموت كما قالها الشاعر الملهم روبرت فروست. لذلك لم أفهم سببا واضحا للهجوم الشرس الذى تعرض له الدكتور البرادعى وعمرو حمزاوى لمجرد أنهم دافعوا بشكل صائب أو خاطئ عن مؤيدى مرسى العياط.. ففوجئت بمقالات سب فى كليهما وكمية هائلة من السخرية والتنطيط فقط لأنهم خالفوا التوجه العام. ورغم أنى لا أطيق الإخوان ولست من المعجبين بحمزاوى أو المؤيدين للبرادعى إلا أن عدم الإعجاب بطرف أو معارضة طرف لا يعطى الحق مطلقا فى نفى حقوقهم فى إبداء الرأى أو حريتهم فى إظهار معتقداتهم حتى لو كانت مخالفة للجميع. وبقدر ما نعتبر الحرية حقا فإن حجبها جريمة، فالمؤيدون أو الباكون على مرسى العياط ينادون بحريتهم فى الاعتصام والتظاهر ولكنهم استباحوا حرية الملايين من السكان فى مدينة نصر وبالأخص المحيطين بإشارة رابعة، فكيف يطالبون بحريتهم وهم يقتلون حرية الجميع فى التنقل أو العمل أو ممارسة أدنى تفاصيل الحياة.. كيف يعتصمون فى ميدان النهضة ليمنعوا الآلاف من الطلاب عن تعليمهم ومستقبلهم ولماذا يتعجبون بعد ذلك من الأهالى الذين يقابلون مظاهراتهم بالعراك والطوب. يجب أن يتعلم مؤيدو الرئيس المخلوع أن للمظاهرات والاعتصام أعرافا وتقاليد وأن مخالفة تلك الأعراف تحول المظاهرات إلى غارات همجية أو سلوكيات إرهابية.. فقبل أن تبحثوا عن حريتكم ابحثوا عن حرية من يستضيفونكم فى شوارعهم.. يا سادة قمة الغباء أن يكون إيماننا بالحرية مجرد (منظرة) نطنطن بها كالببغاوات ولا نفهم أنها سلوك وليست صفة. أجنحة نحلق بها وليست مجرد ريش نتباهى بألوانه. ولا أتصور أننا فى حاجة لأن نعيد دروس ابتدائى لنفهم (أنك حر ما لم تضر).
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة