طبعا من الوارد جدا أن يبالغ خصوم الجماعة فى إظهار عيوبها وربما يخترع الأشرار حكايات وقصصا ليبرهنوا بها على ما هو غير موجود. لكن فى الكثير من الأحيان تكون تصرفات القيادات وخطاباتهم ومناماتهم أكثر دلالة من أى اختراعات للخصوم والمتربصين بالجماعة أو الجماعات التى تسكن رابعة والنهضة. وقد رأينا ومازلنا خطابات وحواديت تكفى للبرهنة على أن الجماعة فى رابعة هى نفس الجماعة التى عاشت وترعرت فى السلطة والمجالس خلال عامين، منهم عام كامل حول رئيس ظل فى انتظار التعليمات من مكتب إرشاد وجماعة تفوق فى ذكائها أى نوع من الديناصورات.
لكن المدهش أن الجماعة لم تفكر فى تعديل طريقة تفكيرها ومازالت تقدم الدليل وراء الآخر على أن الخصوم مهما فعلوا لا يمكنهم أن يفعلوا للجماعة أكثر مما يفعل قادتها وخطباؤها، بل وزراؤها ومستوزروها الذين مازالوا يعلقون أسباب فشلهم على شماعات خارجية وينسون أن جماعتهم ومرشدهم هم أول من أغرقهم وأغرق رئيسهم وملحقاتهم.
كان هناك تصور أن الإخوان بما لهم من سنوات تقترب من القرن يمكن أن تكون لديهم خطط ومخططات بديلة لما يرفضونه ونقصد الثقافة والفنون وقد صدعتنا تنظيرات منظريهم حول ضرورة البحث عن ثقافات أخرى غير تلك الموجودة فى الأجواء دعك من كونهم لم يكونوا يعرفون أن الثقافة لا تتكون فى وزارات الثقافة وإنما فى الشوارع والمجتمع وأن المثقفين الكبار كانوا من خارج المؤسسات نقول هذا لأننا اكتشفنا أن منصات رابعة تقدم أغانى وأناشيد من تراث الثقافة المصرية فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، وهى مراحل كانت الجماعة تراها مخاصمة ومفارقة لكن عندما أرادوا مغازلة الشعب لم يجدوا أفضل من ثقافته وفنونه التى أعلنوا مرارا أنهم ضدها ويريدون تغييرها. وهو ما أعلنه علاء عبدالعزيز مستوزرهم للثقافة والذى أعلن بوضوح أنه مضاد حيوى لكل أنواع الثقافة المصرية وأنه يريد فرض نوع من الثقافة، لم يقل أبدا ما هو حتى ذهب إلى رابعة أكثر من مرة وخطب وأعلن أنه وزير الثقافة الشرعى، لكن اللافت أنه عندما قرر تقديم الثقافة التى يظنها فقد عين عددا من القبضايات فى مناصب بوزارته تصادف أنهم من الجماعة. ثم إنه وقف على المنصة وأحضر معه بعض الشباب الهواة وقال إنهم أفضل فنا مما هو مطروح ولم نر سوى بعض الزعران المبلولين الذين يضحكون ببلاهة، وتصور المتفرجون أنهم يمثلون شيئا صامتا أو حامضا. والحقيقة أن علاء ليس فى حاجة لاكتشاف مواهب وبين القيادات الطبيعية للجماعة ممثلون كبار بالفطرة يقدمون أقوى نمر ويتقمصون أدوارهم بشكل يصعب على جمهور رابعة أن يظن أنه تمثيل على عكس طاقم علاء من الممثلين البائسين.
ومع أن طاقم فنانى علاء الشرعى لم يقدم شيئا فقد أعلن الشرعى أنه سوف يفتتح حاجة ثقافية فى رابعة تصورنا أنها ربما تعبر عن مشروعه العميق فإذا به يطلق عليها ساقية رابعة، وطبعا هو استعار الاسم من ساقية الصاوى من دون أن يعلم أن أبناء الدكتور عبدالمنعم الصاوى أرادوا تخليد والدهم فاختاروا اسم إحدى روايات الثلاثية وهى الساقية وأن الأمر له علاقة بتراث الصاوى، لكن علاء طبعا يهمهم أن يقدم نمرة أمام الكاميرا وهو ككل إنتاج الجماعة خلطة نادرة من الانقراض الثقافى النادر الذى يكفى وحده للبرهنة على أن الفشل قدر ومكتوب لجماعة الإخوان فى رابعة أو فى العباسية.