الكل فى مصر الآن يبحث عن «الزيتونة».. و«الزيتونة» فى عرفنا الشعبى الحالى تعنى ملخص الحدوتة، ووضع يدك على ملخص حدوتة الـ 30 شهرا الماضية من عمر مصر المحروسة أصبح أمرا حتميا، قبل الانطلاق فى البحث عن حل أو تفسير ما لما يحدث على أرض الواقع من ارتباك، والحدوتة من بعد ثورة 25 يناير وصولا إلى لحظتنا المتوترة هذه ملخصها كالآتى:
1- جماعة الإخوان خسرت أهم الصفات والأشياء التى تميز أى دعوة حزبية سياسية تم تأسيسها على أساس دينى.. الصدق والشرف
الفترة منذ اللحظة التى أعقبت تنحى مبارك، ثم تولى مرسى شؤون الرئاسة وصولا إلى مايحدث من جنون وعربدة فكرية وأخلاقية فوق منصة رابعة، كانت بمثابة ريح عاتية هبت لترفع ورقة التوت الأخيرة عن جسد الجماعة التى تستخدم اسم الله فى مد نفوذها السياسى، رياح أخطاء الإخوان بعد ثورة 25 يناير، كانت سببا فى رفع ماسعت الجماعة للتستر به من أغطية سياسية ودينية..
الغطاء السياسى رفعته الأكاذيب والوعود الإخوانية التى لم تتحقق منذ اللحظة الأولى لثورة 25 يناير التى أعلن الإخوان عدم مشاركتهم فيها، ثم العودة للتأكيد على أنهم صناع الثورة الحقيقيون، ثم لقاء قيادات الإخوان السرى بعمر سليمان نائب رئيس مبارك فى وقت كان أمن مبارك يسحل المتظاهرين ويشوه صورة الثوار، ثم الانتقال إلى مرحلة الوعود الكاذبة مثل وعود المشاركة لا المغالبة، ثم الوعد الصريح بعدم ترشيح مرشح إخوانى للرئاسة.
تساقط الإخوان استمر مع مواقفهم الرمادية من المجلس العسكرى، وعقد صفقات معه على حساب الثوار، ثم موقف الجماعة من أحداث محمد محمود، ثم تطور السقوط السياسى للإخوان أكثر مع صعود محمد مرسى لرأس السلطة، وفشله فى تنفيذ وعود المائة يوم واكتشاف الناس لأكذوبة طائر النهضة، ثم تكريم المشير وعنان رغم كل البلاغات التى تتهمهما بقتل الثوار وإفساد المرحلة الانتقالية، ثم تدهور وضع الملفات الأمنية والاقتصادية، وتفرغ مندوبهم فى القصر الرئاسى للخطابة ولمعارك جانبية للاستحواذ على القضاء، وباقى السلطات، ثم فضيحة أسيوط ومن قبلها أرواح جنود مصر الـ16 الذين وعد الرئيس بالقصاص لهم خلال 48 ساعة، ومرت شهور وسقطوا سهوا من أجندة مرسى، ثم وصلنا إلى قمة السقوط الإخوانى حينما رفضت الجماعة ثورة الشعب، ورفض مرسى الاستجابة لمطالب الجماهير بانتخابات مبكرة، وهدد هو ومكتب إرشاده بأن ينشروا الفوضى والدم فى البلاد، إن تمت إزاحته عن الكرسى فى تعبير واضح قاله المرشد بديع «عودة محمد مرسى وإما الدم.. ودونها الرقاب»
سقوط الغطاء السياسى للإخوان تبعه سقوط للغطاء الدينى بعدما اكتشف الناس أن الجماعة التى تدعو دوما لرفعة الإسلام وتطبيق شرع الله، يكذب قادتها ويتلونون حسب المصالح السياسية، وتطوع الدين وتغير أحكامه حتى يحصل مرسى وحكومته على قرض صندوق النقد الدولى، وتدفع بالعناصر المسلحة فى الشوارع لقتل المعارضين وتأديبهم، وكأن كل آيات وأحاديث دم المسلم على المسلم حرام خارج نطاق الدين الإسلامى الذى يتغنون به، ثم الوصول إلى أدنى مستويات التجارة بالدين فيما نشاهده يوميا على منصة رابعة من مخالفات شرعية، كان الإخوان قبل شهور من الآن يتهمون مرتكبيها بالفسق والفجور وعداوة الإسلام
2 - الأحزاب المدنية سواء كانت من كتلة اليسار أو الكتلة الليبرالية خسرت أهم شئ يمكنه أن يميز أى مشروع سياسى للحكم المدنى.. الرؤية والتواصل مع الجمهور والشفافية..
رموز الأحزاب السياسية المصرية القديمة والجديدة مصابون بفيروس الفساد الذى انتشر فى عهد مبارك، أغلبهم يعانون فقدانا واضحا للرؤية المستقبلية، ولعابهم السائل دوما على كراسى السلطة، يعميهم عن رؤية الحق وحاجات الناس الأساسية، وبالتالى كان من الطبيعى أن تبقى الأحزاب السياسية تتذيل قائمة الحياة السياسية، لأنها لم تقدم للناس فى الشوارع أى ضمانة على امتلاكها رؤية أو خطة زمنية واضحة، ولأنها انشغلت بالصراعات فيما بينها داخل جبهة الإنقاذ وفشلت رغم تعدد الفرص فى الاتفاق على مرشح واحد لخوض الانتخابات ضد القوى الدينية والعسكرية.. الأهم من كل ذلك أن السادة فى أحزاب الوفد والدستور والعربى والتجمع وباقى الأحزاب، أدمنوا لعبة الصفقات والعيش على الفتات بشكل شغلهم من الوقوف أمام المرايات لإدراك حقيقة عدم قدرتهم على تحريك الجماهير فى الشارع
3 - وإذا كانت خسارة الإخوان قد تمثلت فى ضياع المصداقية، وخسارة القوى المدنية قد تمثلت فى غياب الرؤية، فإن خسارة الشعب المصرى أعمق وأفدح.. لأن المصريين خسروا أهم مايميزهم.. خسروا قدرتهم على تحمل بعضهم البعض.. ولك ولى ولكل سائر فى شارع المحروسة خالص العزاء
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة